“لا لِضَرْبِ القضاء في وضع الاستثناء!
إن القضاة المُوقّعين،
وعلى إثر ما تشهده البلاد من وضع استثنائي بعد تفعيل الفصل 80 من الدستور وإقرار جملة من الإجراءات غير الاعتيادية
وعلى إثر وضع القاضيين بشير العكرمي والطيب راشد قيد الإقامة الجبرية بموجب قرارين من وزير الداخلية في إجراء غير مسبوق إزاء قاضيين مباشريْن ومُتمتّعيْن بالحصانة القضائية
وعلى إثر ما تضافر من معلومات عن وضع كل القضاة التونسيين قيد إجراء “الاستشارة الحدودية S17” غير المبرر واقعيا وغير المستند إلى أساس من القانون وما يستتبعه ذلك من تمييز ضدهم وإهانة ووصم جزافي لهم ولصفاتهم
وعلى إثر ما تأكد من معطيات حول منع عدد من القضاة من السفر إلى الخارج وإعادتهم من النقاط الحدودية، وآخرهم القاضية “إيمان العبيدي” إحدى أبرز القضاة الموقعين المائة (100) على عريضة إزاحة الرئيس الأول لمحكمة التعقيب من موقعه ومنع إفلاته من المحاسبة
أولا: يعبرون عن صدمتهم من الانزلاق الخطير الذي تردّت إليه السلطة التنفيذية في تعاملها مع السلطة القضائية بالتعدي على سلطات المحاكم واختصاصات المجلس الأعلى للقضاء مع ما يمثله ذاك من إخلال بمبدأ الفصل بين السلط والتوازن بينها وبواجب احترام السلطة القضائية وعدم التدخل في سير القضاء
ثانيا: يستنكرون الاعتداء المجاني والفظيع وغير المسبوق على حرية القضاة في التنقل والسفر كبقية المواطنين في غياب أي إجراء قضائي يمنعهم من ذلك
ثالثا: يؤكدون أن تقييد حرية التنقل وباقي الحقوق الدستورية طبق ما تقتضيه أحكام الفصل 49 من الدستور لا يكون إلا بمقتضى نص تشريعي تستوجبه متطلبات حماية حقوق الغير أو الأمن العام أو الدفاع الوطني أو الصحة العامة أو الآداب العامة…، ويرجع للقضاء حماية تلك الحقوق والحريات من الانتهاك خصوصا في الحالات الاستثنائية، ويستهجنون إطلاق يد وزير الداخلية – دون سند قانوني صحيح – لبسط يده على أعضاء سلطة قضائية هي الضامنة الأساسية لعلوية الدستور وسيادة القانون والحامية للحقوق والحريات.
رابعا: يُدينون استعمال الأمر عدد 50 لسنة 1978 المؤرخ في 26 جانفي 1978 غير الدستوري في وضع قاضيين تحت الإقامة الجبرية دون وجود نص قانوني يسمح بذلك أو قرار قضائي في تقييد تنقلهما…ودون بيان وجه الخطر الذي يُشكله كل منهما على الأمن والنظام العامّين، ويُشدّدون على عدم كفاية خضوعهما للتتبع التأديبي والجزائي لتبرير الإجراء في حقهما خصوصا وأنهما يبقيان على ذمة القضاء الذي له وحده اتخاذ التدابير الاحترازية في حقهما
خامسا: يلفتون النظر إلى تزامن التدابير التعسفية المذكورة أعلاه والمتخذة ضد القضاة مع حملات إعلامية مُنسّقة ومشبوهة لصفحات إجرامية مُسخّرة لتشويه القضاة المستقلين من أصحاب الرأي الحر والملتزمين بمبدأ المحاسبة ومكافحة الفساد والتحريض عليهم، ويُعبّرون عن تضامنهم المطلق مع القضاة المستهدفين بالحمَلات، ويدعون النيابة العمومية لتحمل مسؤولياتها في الكشف عن الجهات والأشخاص التي تقف وراءها وتتبعهم لرجوح ارتباطهم بدوائر الفساد السياسي والمالي والقضائي
سادسا: يستنكرون سكوت المجلس الأعلى للقضاء عن افتكاك صلاحياته من قبل السلطة التنفيذية، ويدعونه إلى تحمل مسؤولياته الدستورية والقانونية في ضمان استقلال السلطة القضائية خصوصا في الظرف الاستثنائي المُتميّز بتجميع السلطات بيد رئيس الجمهورية…كما يدعونه إلى ممارسة رقابته الواجبة على المجالس القضائية القطاعية كي تقوم بدورها في محاسبة القضاة النافذين ومنع تحصّنهم بالروابط الشخصية والمهنية والسياسية…
سابعا: يدعون إلى التراجع الفوري عن كل الإجراءات التعسفية المتخذة في حق القضاة ومنع تكرارها تحت أيّ مُسوّغ
ثامنا: يُجددون تمسُّكهم بمبدأ المحاسبة ومنع الإفلات من العقاب في خصوص الرئيس الأول لمحكمة التعقيب ووكيل الجمهورية السابق وغيرهما دون استثناء وذلك في إطاره القضائي والمؤسسي وبكامل الشفافية والحياد والاستقلالية واحترام حقوق الدفاع وفي أجل معقول ودون ضغوط سياسية، ويطالبون مجلس القضاء العدلي بالتعجيل بالبت في ملف الرئيس الاول لمحكمة التعقيب واتخاذ الإجراء الإحترازي الضروري في حقه بإيقافه عن العمل وفتح الشغور في خطته ضمانا لعودة السير العادي للمحكمة وسدّا لمنافذ التدخل في القضاء وتوظيفه”.
شارك رأيك