في هذه الرسالة المفتوحة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للمرأة التونسية الجمعة 13 أوت 2021 الأستاذة الجامعية في القانون تذكر رئيس الدولة بالانتظارات الكبرى للمرأة التونسية التي لا تلتقي مع اهتماماته الخصوصية جدا في هذا المجال.
بقلم سلسبيل القليبي *
السيد رئيس الجمهورية انتظرت نهاية هذا اليوم لأوجّه إليك هذه الرسالة وأنا مؤمنة برحابة صدرك.
انتظرت نهاية اليوم لأتأكّد أنه لن يغدق علينا بأكثر ممّا جاء به فأنا أعلم أنك من السُمّار وأنك تعمل ليلا نهار فقلت في نفسي لننتظر …
بداية كل الشّكر والامتنان على اختيار هذا اليوم التاريخي في بناء دولة الحقوق والحريات، التي لا وجود لها في غياب المساواة بين المرأة والرجل فيها، للإعلان عن اتفاقية مع دولة روسيا من أجل تمكين امرأة تونسية من الالتحاق بمحطة الفضاء الدولية بعد تمكينها من تدريب في الغرض.
الشكر والامتنان على العمل على إلحاق تونس بغزاة الفضاء وآمل أن يكون هذا الإتفاق يحمل من التفاصيل في شروطه وإجراءاته ما يضمن للتونسية التي ستلتحق بهذه المحطة مكانتها كباحثة، شأنها شأن نظرائها من دول العالم المصنّع، ولا مجرّد سائحة ستكتفي بإرسال بعض الصور (الجميلة دون شكّ) كما كان الشأن لمن سبقها من الرجال بإحدى الدول الشقيقة.
السيد الرئيس كل الشكر والامتنان لكن، يعلم القاصي والداني أن لا وجود لأي نص قانوني يمنع المرأة من ارتياد الفضاء، بينما لا زال من نصوصنا القانونية ما يحرم المرأة من عدد من حقوقها المدنية والاقتصادية وغيرها.
لا شيء يمنع المرأة التونسية من غزو الفضاء لكن لا يحقّ قانونا للمرأة التونسية أن تمنح جنسيتها لزوجها الأجنبي.
لا شيء يمنع المرأة التونسية من غزو الفضاء لكن لا يحق للمرأة التونسية أن ترث يمثل ما يرث شقيقها.
السيد الرئيس ستغدو المرأة التونسية غازية للفضاء وهي ليست شريكة زوحها في الولاية على أبنائهما و غير هذه المظالم كثير وأنت، الذي بيدك المبادرة التشريعية، عالم بها وأنت الذي يمكنك اليوم التشريع بمراسيم عالم بها.
السيد الرئيس اخترت اليوم أن تتجه للنساء في عيدهن لا أن تدعوهنّ إلى قرطاج واخترت لتمثيلهن الكادحات بالساعد وهذا يحسب لك.
السيد الرئيس كل التونسيات كادحات بالساعد أو بالفكر وفي أغلب الأحيان بكليهما (فكل امرأة كادحة بالساعد في بيتها لكن هذا لا يعدّ قطّ جهدا أو عناء بل هو من طبيعة الأمور إذ لا زلنا على عقيدة أنها خلقت لذلك).
السيد الرئيس إن الأنيقات مسرّحات الشعر “البورجوازيات” (هذا هو تصور المخيال الجمعي لهن) اللاتي تُدعين لقرطاح يوم عيد النساء هنّ شقيقات من زرت فكرّمت (في غياب حرمك الفاضلة) هنّ من يدافعن عن حقوق من زرت فكرّمت وما فتئن يناضلن من أجل تمكينهنّ من حقوقهن الاقتصادية التي تضمن كرامتهن واستقلاليتهن.
السيد الرئيس إن الأنيقات مسرّحات الشعر “البورجوازيات” هنّ من ناضلن من أجل إصدار قانون مكافحة العنف ضدّ النساء كل النساء وخاصة منهنّ من زرت فكرّمت.
السيد الرئيس نساء تونس بجميع فئاتهن متآزرات في البحث عن مواطنة كاملة ومساواة مع رجال هذا الوطن. هذا ما وددت أن أسمعه منك.
أخيرا وليس آخرا الشكر والامتنان السيد الرئيس عن عدم إعلانك اليوم عن اختيار لرئيسة وزراء (هكذا قرّرت تسمية هذه الخطة بعد إعلانك أنه بمقتضى تفعيل الفصل 80 من الدستور أصبحت رئيس السلطة التنفيذية) شكرا لعدم اختيار امرأة لهذه الخطة، فالمرأة التونسية تطمح إلى منصب رئاسة الحكومة، إلى منصب تكون فيه هي من يقود السلطة التنفيذية منصب تختارها له أغلبية برلمناية منتخبة، منصب تسندها فيه أحزاب سياسية فصبرا جميلا ستصبر المرأة التونسية إلى حين الخروج من حالة الاستثناء والعودة إلى الشرعية الدستورية العادية.
مع فائق الاحترام…
*أستاذة جامعية في القانون.
شارك رأيك