بعد القرارات الحاسمة التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد يوم 52 جويلية 2021 بات الحل الأمثل بالنسبة إلى كل الأحزاب وإلى حركة النهضة على وجه الخصوص في الاستعداد إلى انتخابات برلمانية مبكرة و هذا يحتاج إلى وقت. على الحركة الإسلامية و غيرها من الفاعلين السياسيين في تونس أن يستفيقوا و أن يفهموا أن الزمن ليس زمنهم و أنهم كانوا فصلا عابرا من فصول سيرورة التاريخ و انتهوا، فلا عودة إلى الوراء و لينتظروا ما سيقرره في شأن بعضهم القضاء بعد أن قال الشعب فيهم كلمته…
بقلم توفيق زعفوري
بالكاد يظهر منهم أحد، قادة النهضة من الصف الأول، أو أعضاء مجلس شوراها، عدى محمد القوماني يوم أمس الإثنين 16 أوت 2021 على موزاييك اف ام، الذي اعترف بنصف الحقيقة، متمسكا بالنصف الآخر لحفظ ماء وجه الحركة، أو عبد اللطيف المكي الذي لم يحد عن نفس السردية، و هو المحسوب على الجناح المعارض و الشرس في الشورى و في الحركة عموما، و هو الذي يتردد صدى خصوماته مع رئيسها راشد الغنوشي و حتى الانسحاب من اجتماعاتها، رفضا لسياساتها الرسمية و عدم رضًى عن التمشي فيها، وهو، خلال حضوره أمس في جوهرة أف أم نثر الملح على جروح الحركة، حين ذكرها بتراكم أخطائها منذ الإتفاق مع نداء تونس عام 2015، بلا برنامج كما يقول، و خاصة طريقة إسقاط حكومة إلياس الفخفاخ، رئيس الحكومة الأسبق.
النهضة تدفع ثمن عشر سنوات من الأخطاء المتراكمة
في الواقع، حركة النهضة راكمت أخطاءها منذ عشر سنوات و الغريب أنها لم تنته إلى مراجعات كما تريد أن تقنع بذلك خصومها و حتى أعضاءها في مجلس الشورى و جمهورها العريض، هذا الجمهور الذي تخلى عنها في أول سقطة أو هي تآكلت شعبيتها منذ عشر سنوات حتى غدت وحيدة ببضع عشرات.
وقت الشدة و الأزمة، قفز جميعهم، لأنهم يرون أن الحركة انحرفت و اخترقت الخطوط الحمر و ماعادت تقيم وزنا لقواعدها، فانتهت سياسيا كما انتهى أغلب الأحزاب الأخرى من التكتل إلى المسار إلى المؤتمر من أجل الجمهورية، لم تعد الحركة بذاك الثقل و ذاك التأثير حتى بضع سنوات قبل الحراك الشعبي للخامس و العشرين من جويلية الماضي الذي كان موجها بالأساس ضدها.
النهضة التحقت بمكونات الفسيفساء السياسية، و صارت تماما كغيرها من الأحزاب “المكرو ” المكوّنة للمشهد السياسي التونسي الهزيل، و عليه فليس لها ما يمكنها من أن تناور به بعد أن خسرت ليس فقط قاعدتها الشعبية، بل شعبيتها و مصداقيتها ناهيك عن الإتهامات المرتبطة بزعيمها و بعدد كبير من أعضائها، و انسحاب أعضاء من شوراها و التهديد بالبوح بكل الخفايا و الخبايا.
قطار التغيير على السكة و لن يعود إلى الوراء
لذلك لم يكن من الممكن الحوار مع الحركة و من ينتسب إليها، لذلك ماطل الرئيس قيس سعيد في البدء بأي حوار حتى أنه قال في النهاية “لا حوار، و لا رجوع إلى الوراء”، و في تقديري كنت متأكدا من أنه لن يكون هناك حوار، لأن من سيجلسون على الطاولة
لذلك لم يكن من الممكن الحوار مع الحركة و من ينتسب إليها، لذلك ماطل الرئيس قيس سعيد في البدء بأي حوار حتى أنه قال في النهاية “لا حوار، و لا رجوع إلى الوراء”، و في تقديري كنت متأكدا من أنه لن يكون هناك حوار، لأن من سيجلسون على الطاولة، كلهم إن لم يكن أغلبهم، تحوم حولهم شبهات فساد، فكان الحوار يمثل بتلك الطريقة محاولة إنقاذ لهم و إضفاء شرعية عليهم و مشاركة الرئيس فيه، هو مباركة لهم و هو ما يتعارض و مبادءه، و لكل تصريحاته. ذ
البرلمان في عداد المحلول المتحلل
لكل تلك الأسباب كنت أتوقع أنه لا حوار مع طبقة سياسية مشوهة، حتى جاء عيد الجمهورية بلون و طعم مختلفين…
الآن تريد النهضة العودة إلى باردو و كأن شيئا لم يكن و كفى المؤمنين شر القتال! إذا أخذنا بعين الاعتبار مخرجات تقرير دائرة المحاسبات و الفصل 163 من قانون الانتخابات، فإن البرلمان سيكون في عداد المحلول، المتحلل و العودة إليه هي “منامة عتارس”، و الحل الأمثل في الاستعداد إلى انتخابات برلمانية مبكرة و هذا يحتاج إلى وقت، فعلى النهضة و غيرها أن تستفيق بأن الزمن ليس زمنها و أنها فصل من فصول سيرورة التاريخ و انتهى، فلا عودة إلى الوراء و لتنتظر ما سيقرره في شأنها القضاء بعد أن قال الشعب فيها كلمته…
شارك رأيك