لم يكتف بأن تتم ترقيته من رائد إلى عميد بل وجد نفسه منذ البارحة (19 أوت 2021) مديرا عاما لوحدات التدخل بقرار من الوزير المكلف بتسيير وزارة الداخلية تنفيذا لإرادة رئيس الجمهورية. من يتتبع تاريخ الرجل يجده على الأقل في حياته القريبة مطاردا من جهتين : المحاكم وأهالي تالة (ولاية القصرين).
بقلم القاضي أحمد الرحموني
لمن لا يعرفون حقيقة الرجل، العميد خالد المرزوقي استحق ترقيته (أو ما يشبه التكريم! ) عن “مآثره المحفوظة” لدى أهالينا بتالة كأحد المسؤولين عن القمع البوليسي في فترة أحداث الثورة في ديسمبر 2010 – جانفي 2011. سجلات المحاكم العسكرية وذاكرة الأهالي تشير إلى أن المسؤول الجديد كان مشرفا على سرية تمشيط وتدخل بمدينة تالة في النصف الأول من شهر جانفي 2011 وقد تورط – على حسب تطور الأحداث – في قمع المظاهرات السلمية والدفع بتلك المدينة الآمنة إلى أجواء “مستحيلة” تسببت في قتل شهداء تالة من الشباب وإصابة جرحاها (8 جانفي) فضلا عن قيادته لدوريات المداهمات ليلا وترويع العائلات وإهانتها (11جانفي).
المسار القضائي للمدير العام الجديد لوحدات التدخل
من الثابت أن الأبحاث التي تولاها مكتب التحقيق العسكري بالمحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بالكاف قد أدت الى توجيه تهمة القتل العمد مع سابقية القصد إلى الرائد (حينذاك) خالد المرزوقي في قضية شهداء وجرحى الثورة بتالة و القصرين، ثم قررت نفس المحكمة إصدار بطاقة جلب في حقه.
وقد تم استنطاق المتهم بحالة سراح بعد حضوره ( لأول مرة) يوم 26 ديسمبر 2011 من قبل الدائرة الجنائية بالمحكمة المذكورة وقد نفى مسؤوليته عن إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين متهما زميله المقدم البشير بالطيبي بقتل الشهيد وجدي السايحي (رحمه الله). لكن مع كل ذلك لم يصدر الحكم الابتدائي بإدانته وانتهى استئناف الحكم لدى الدائرة الجنائية بمحكمة الإستئناف العسكرية بتونس إلى نقض الحكم الابتدائي بتاريخ 12 افريل 2014.
لكن مسار التقاضي لم ينته إلى هذا الحد، باعتبار أن القرار الاستئنافي قدتم نقضه من قبل الدائرة العسكرية بمحكمة التعقيب يوم 29 أفريل 2015 مع إحالة القضية على الدائرة الجنائية الإستئنافية للنظر فيها بهيئة أخرى، و هو ما يفتح الباب لإجراءات جديدة من أطرافها المدير العام الجديد لوحدات التدخل.
هل تستحق مدينة الثورة تكريم “أعدائها” ونسيان “شهدائها”؟
ورغم أن ملف القضية لم يغلق على مستوى القضاء العسكري، فقد صدر في الأثناء القانون الأساسي عدد17 لسنة 2014 المؤرخ في 12 جوان 2014 المتعلق بأحكام متصلة بالعدالة الانتقالية وبقضايا مرتبطة بالفترة الممتدة بين 17ديسمبر 2010 و28 فيفري2011، وقد اعتبر هذا القانون الاعتداءات المفضية إلى سقوط شهداء الثورة أو إصابة جرحاها انتهاكات جسيمة على معنى القانون الأساسي المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية.
وتبعا لهذا القانون أحيلت قضية شهداء وجرحى الثورة بتالة و القصرين من قبل هيئة الحقيقة و الكرامة على الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية المحدثة بالمحكمة الابتدائية بالقصرين التي لا زالت إلى اليوم متعهدة بالموضوع.
فهل يمكن ان نستنتح رغم هذا المسار الطويل ان الموضوع قد حسم!؟ وهل تستحق مدينة الثورة تكريم “أعدائها” ونسيان “شهدائها”؟!
شارك رأيك