على إثر صدور بلاغ المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 21 أوت 2021 الّذي جاء دفاعا من السلطة القضائيّة عن نفسها على خلفية الشبهات والاتهامات الّتي تعلقت بالسّادة القضاة، يهم منظّمة أنا يقظ أن تؤكّد على ما يلي:
- أولاً: إن “استقلال القضاء” الذي تعتبرونه خطاً أحمر هو في الواقع ممارسة وقرارات جريئة وتطبيق للقانون وليس فقط ادعاء. حيث إن تكريس المجلس لسياسة الافلات من العقاب والقطاعية العمياء من خلال رفض رفع الحصانة على قضاة متورطين ومتلبسين ساهم في ارتهان القضاة وابتزازهم وسلب نزاهتهم الفكرية وأفقد ثقة المواطنين في قضاء عادل وشريف. فهل يستطيع المجلس مثلاً نشر عدد وخاصة مصير الشكايات أو مطالب رفع الحصانة الواردة عليه منذ تأسيسه ضد القضاة سواء من طرف التفقدية العامة لوزارة العدل أو المحاكم أو حتى المواطنين؟؛
- ثانياً: إن قرار الرئيس الاول للمحكمة الادارية وقف انهاء الحاق القضاة بالمناصب الحكومية والتنفيذية بناء على قرار المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 8 جوان 2021 كرس ارتهان السلطة القضائية للسلطة التنفيذية. وعلاوة على ذلك، فإن قرار المجلس الأعلى للقضاء جاء متأخراً جداً أي بعد حوالي 5 سنوات من انتخابه وهو مدرك وعلى علم بخطورة هذا الأمر؛
- ثالثاً: لولا الخلاف الداخلي بين الطيب راشد والبشير العكرمي الذي نشب أواخر سنة 2020 والذي أصبح محل متابعة من الرأي العام وتغطية واهتمام متواصلين من وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية بالرغم من علمكم المسبق بالتجاوزات الخطيرة التي أقدم عليها القاضيان، لما كشفت ملفات كليهما ولما تمت محاسبتهما البتة؛
- رابعاً: إن عدم تتبع بقية القضاة المذكورين في تقرير التفقدية العامة لوزارة العدل والذين لم يحظوا بنفس المتابعة الإعلامية وبنفس اهتمام الرأي العام (على عكس البشير العكرمي والطيب راشد) وعدم اتخاذ اي اجراء تأديبي ضدهم يؤكد كالعادة عدم نية القضاة في الاصلاح وأن المجلس الأعلى للقضاء لا يتحرك إلا تحت الضغط؛
- خامساً: ونود ان نذكر ان المجلس تشبث لآخر لحظة بالرجلين من خلال التساوي في التصويت في قرار البشير العكرمي او المماطلة والتسويف في قرار الطيب راشد؛
- سادساً: إن التعامل بمكيالين مع التهم الموجهة للقضاة والاخرى الموجهة للمواطنين ولعل قضية تهريب العملة كشفت جزءا من هذه الممارسات؛
- سابعاً: إن التذرع بالحصانة لعدم تطبيق القانون على نواب في حالة تلبس يعكس ارتهان القضاء للسياسي؛
- ثامناً: إن قانون المجلس الأعلى للقضاء منح امتيازات وحقوق غير مبررة للقضاة دون أن تساويها واجبات حقيقية ودقيقة. وفي إطار المساواة بين القضاء وعامة المواطنين، تطالب منظمة أنا يقظ بتنقيح هذا القانون بحيث لا يمكن أن يعتصم القاضي بالحصانة إذا تعلق الأمر بفعل يؤاخذ عليه قانونا قام به خارج إطار ممارسة مهامه، ويمكن تتبع القاضي جزائياً دون أخذ إذن للمجلس الأعلى للقضاء. كما تطالب المنظمة بإلغاء الترقيات الآلية للقضاة وجعل هذه الترقيات مبنية على الاستحقاق والأداء والكفاءة لا غير.
وفي الأخير، عوض القطاعية والدفاع الأعمى على “الزملاء”، توقعنا ردة فعل أكثر نزاهة وموضوعية من السادة القضاة وأعضاء المجلس الأعلى للقضاء. استمتعوا بعطلتكم. وزياداتكم غير القانونية، ولكن تذكروا انكم جزء من مشاكل هذا الوطن ان لم تكونوا كل مشاكله.
وكما يقول الكاتب والشاعر اللبناني جبران خليل جبران “لا يستطيع فاعل السوء بينكم أن يقترف إثما بدون إرادتكم الخفية ومعرفتكم التى فى قلوبكم”.
شارك رأيك