راشد الغنوشي، الديمقراطي جدا، بقي على رأس الحركة لأكثر من أربعين عاما و لا زال يتعنت و يناور لاختراق الفصل 31 من نظام الحركة الداخلي الذي لا يسمح له بدورة ثالثة، ما كان ينوي التصريح بعدم رغبته في الترشح لولا الضغط الداخلي من صقور الحركة الذين نبّهوه أكثر من مرة أن التداولية سنّة الأحزاب و الحركات و حتمية سياسية و روح الديمقراطية، في الفعل السياسي، و لكن السيد راشد يصر على الخروج من الباب الصغير.
بقلم توفيق زعفوري
سأتكلم عن راشد الغنوشي بوصفه شخصية عامة و رئيس حزب و فاعلا ( أو كان فاعلا) في المشهد السياسي. لن أتكلم عن القضايا المرفوعة ضده في المحاكم التونسية و لا عن الاتهامات الموجهة له، فذاك أمر أتركه للقضاء و القضاة هم من يقرروا ما يرونه قانونيا في شأنه. و لكن سأتكلم عن رئيس حركة النهضة الذي شبهته يوما بعمر حسن البشير و كنت قد قلت أنه يسير على خطاه، و سياسته في تسيير الحركة و هياكلها. وهي التي جعلت الانقلاب عليه مشروعا، و لكنه في عرف الجماعة لوم و عتاب أكثر منه انقلاب، ترجمه برسالة شديدة اللهجة مائة من القيادات النهضاوية، كان يمكن لولا تماسكها ( الأخلاقي لا المدني) أن يصار إلى تأسيس حزب منشق عنها كما حصل في عديد الأحزاب الأخرى و قد حصل في النهضة ذاتها مع رياض الشعيبي الذي عاد إلى حركته الأصلية بعد ترضيات من الشيخ و حظوة لديه.
ما حصل لا يزال عصيا على فهم الشيخ
كان يمكن أن يتعلم السيد راشد الغنوشي أن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة و أن تماسك حركة النهضة ليس صلبا كفاية أو أبديا و أنها كمختلف المكونات السياسية الأخرى…
ما حصل بالإعلان الرئاسي يوم 25 جويلية الماضي عن الإجراءات الاستثنائية لا يزال عصيا على فهم الشيخ أو هو خارج عن إدراكه و وعيه السياسي، فهو لا يزال يتحكم – أو هو يرى ذاك – في الحركة و في المشهد، و الواقع أنه يعيش حالة من السكيزوفرينيا، و الفصام، بين ما قبل ال 25 جويلية و ما بعده.
لا يزال الشيخ يناور في كل مرة ببيان مرتبك يترجم حالته النفسية، مرة يحني رأسه حتى تمر العاصفة، و مرة يتعنت و يكابر، و كله من أجل برلمان لم يعد أحد يرغب فيه و في استمراره، على الأقل بالشكل القديم،..
يكثر الدّق في دربالة الحركة، و لكن الشيخ لا يزال يتوهّم أنه الحاكم بأمره حتى عندما ينفض من حوله الأقربون.
السيد راشد يصر على الخروج من الباب الصغير
البيان الأخير للنهضة الذي يرى فيه نوع من الإذلال و الإهانة للحركة تبرأ منه بعض قيادييها, حالة الغليان قديمة و اشتدت أكثر بعد الخامس و العشرين من جويلية الماضي عندما خرج إلى العلن غسيل الحركة الداخلي حتى وصل الأمر إلى الحديث بل الدعوة إلى استقالة رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني أو سحب الثقة منه و استقالة رئيس الحركة كونه الوحيد المسؤول عما آلت اليه الحركة و وحده المسؤول عما آلت إليه الأوضاع في تونس، دون أن ننسى العبث السياسي في إسقاط حكومات و التحالف مع من كان يتهمه بالفساد و أقصد هنا حزب قلب تونس، كلها هندسة الشيخ و من بنات أفكاره.
راشد الغنوشي، الديمقراطي جدا، بقي على رأس الحركة لأكثر من أربعين عاما و لا زال يتعنت و يناور لاختراق الفصل 31 من نظام الحركة الداخلي الذي لا يسمح له بدورة ثالثة، ما كان ينوي التصريح بعدم رغبته في الترشح لولا الضغط الداخلي من صقور الحركة الذين نبّهوه أكثر من مرة أن التداولية سنّة الأحزاب و الحركات و حتمية سياسية و روح الديمقراطية، في الفعل السياسي، و لكن السيد راشد يصر على الخروج من الباب الصغير، فلا هو راشد و لا هو خريجي (أي يريد الخروج).
شارك رأيك