حاربت الولايات المتحدة أفغانستان لمدة عشرين عاما و تدخلت في هذا البلد الذي صمد ضد السوفييت، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، و منذ ذلك التاريخ، صرفت الولايات المتحدة عشرات المليارات من الدولارات دون أن تنجح في ضبط الأمن و الاستقرار، و دون أن تجعل من أفغانستان بلدا قويا اقتصاديا و اجتماعيا و أمنيا…
بقلم توفيق زعفوري *
انسحبت الولايات المتحدة بعد جولات طويلة من المفاوضات في الدوحة بين المسؤولين الأمريكان مع مقاتلي طالبان و هم الذين دائما ما يصرحون أمام عدسات الكاميرا و أمام الرأي العام الداخلي و العالمي أنهم لا يتفاوضون مع الارهابيين… انسحبوا، و لكن بأي ثمن!؟
صفقة أمريكية افغانية لا زالت تفاصيلها لم تتضح
أولا شكل الانسحاب في وقت وجيز صدمة لدى المراقبين ساسة و عسكريين في أمريكا و خاصة الجمهوريين الذين اتهموا جو بايدن بالإضرار بأمن الولايات المتحدة، و بالانسحاب غير المدروس، ما خلق أزمة إجلاء لدى أمريكا و حلفاءها.
من خلال ما تركه الأمريكان في أفغانستان، الانسحاب يوحي لا محالة بوجود صفقة أمريكية أفغانية لا زالت تفاصيلها لم تتضح…
انسحب الأمريكان تاركين وراءهم أسلحة خفيفة و ثقيلة، و أسلحة هجومية صالحة لزيادة أمد الحرب سنين طويلة و الغاية ليست تقوية طالبان أو مساعدتها على ضبط الأمور في الداخل، و لكن تنبع المخاوف من احتمالية سقوط بعض هذه الأسلحة في يد طالبان أو الجماعات الإرهابية النشطة ما يشجع على خلق سوق إقليمي للأسلحة تستفيد منه الجماعات الإرهابية، و هو يمثل خطرا أمنيا على دول الجوار حسب بعض المراقبين…
أسلحة أمريكية في قبضة طالبان
في هذا الصدد، لفت موقع “بوليتيكو” إلى أن الولايات المتحدة، منذ 2003، دعمت القوات الأفغانية بما لا يقل عن 100 ألف قطعة سلاح خفيف، مثل “M-16” و”M-4″، بالإضافة إلى 76 ألف مركبة، و16 ألف جهاز رؤية ليلية، بالإضافة إلى 162 ألف جهاز اتصال لاسلكي.
وفي الآونة الأخيرة، بين عامي 2017 و 2019، شحنت الولايات المتحدة إلى أفغانستان 4700 عربة همفي أخرى و 20000 قنبلة يدوية وآلاف الذخائر الصغيرة وقاذفات القنابل اليدوية، بالإضافة إلى عشرات الطائرات المقاتلة من نوع بلاك هوك و طائرات شحن، و غيرها…
الخروج من أفغانستان لم يكن آمنا، و لا يبدو أنه سيكون كذلك، فأفغانستان تحتاج سنوات طويلة للتعافي من حروب السوفييت و الأمريكان، و لا يبدو محيطها الشرقي (الصين) مرتاحا لهذا الخروج الذي يمثل شوكة في خاصرة الصين و محاصرة تجارية لها و تضييق على التمدد الصيني في الشرق.
* محلل سياسي.
شارك رأيك