في إطار سلسلة الندوات “90 دقيقة مع المعهد العربي لرؤساء المؤسسات نظم المعهد المذكور يوم الأربعاء 25 أوت 2021، ندوة بعنوان “آثار تغيير سنة الأساس في الحسابات الوطنية”، باعتبار أن أهمية مقارنة المعطيات في فهم ومتابعة تطور الوضع الاقتصادي والاجتماعي للدول.
تغيير سنة الأساس يُعتبر إجراء محوريا لإعادة تأسيس الحسابات الوطنية، وضروريا لضمان مصداقية المعطيات الخاصة بالاقتصاد الكلي، وهو ما يتيح للحكومات إمكانية صياغة سياسات اقتصادية أكثر نجاعة ومرونة.
ذوقد تم خلال هذه الندوة التطرق لـ 3 نقاط رئيسية: أسباب تغيير سنة الأساس في الحسابات الوطنية – التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لهذا التغيير – تأثير هذا التغيير على تموقع الدولة التونسية في التصنيف العالمي
مراجعة سنة الأساس من قبل المعهد الوطني للإحصاء
في تونس، قام المعهد الوطني للإحصاء بإعادة تقييم الحسابات الوطنية، من خلال تحديث نظام المحاسبة الوطني التونسي (SNCT)، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي، والمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية (INSEE)، والمركز الإقليمي للمساعدة الفنية للشرق الأوسط (METAC) التابع لصندوق النقد الدولي، وتم تغيير سنة الأساس لضمان تطابق الحسابات الوطنية مع المعايير الدولية، ولضمان تحسين طُرق التقييم..
تهدف عملية إعادة التقييم لإعطاء وصف أكثر واقعية للوضع الاقتصادي الحالي، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية الأخيرة – لمساعدة الحكومة على صياغة السياسات الاقتصادية واتخاذ القرارات المناسبة و للتأكد من تطابق المؤشرات المقدمة من طرف المعهد الوطني للإحصاء مع المعايير الدولية.
لماذا يجب تغيير سنة الأساس للحسابات الوطنية؟
يمكن تفسير هذا التغيير بعدة أسباب أبرزها :
التغيير في البنية الاقتصادية للدولة: ترتبط هذه التغييرات بظهور الأنشطة الاقتصادية الناشئة، والتي لم تتم تغطيتها في الحسابات القديمة، مثل الأنشطة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والخدمات البنكية وغيرها.
التغيير الهيكلي في عادات الاستهلاك أو الإنتاج أو التسويق: التغيرات المستمرة في سلوك المستهلك، يتطلب مراقبة منتظمة لمنظومة الاستهلاك على المدى القصير، خاصة وأن التغيرات في سلوك الاستهلاك، تدفع جميع وحدات الإنتاج إلى تبني هذه التغييرات لتتماشى مع الاحتياجات الجديدة.
التغير الهيكلي للأسعار: مبدأ أسعار المنتوجات المدروسة يفقد قيمته باختفاء أو ظهور منتوجات جديدة، خاصة عندما تكون المراجعة الدورية للحسابات الأساسية على المدى الطويل.
تعديل سنة الأساس ضروري لتتوافق مع المعايير الدولية المتغيرة: خاصة عندما يتعلق الأمر بالمقارنات مثل برنامج المقارنات الدولية (PCI-Africa) الذي تشارك فيه جميع الدول الأفريقية تقريبًا.
نمو القطاع غير المنظم: تغيير سنة الأساس يساعد على مراعاة التحولات التي تطرأ على هذا القطاع، لضمان تقييم أفضل لوزنه في الاقتصاد الوطني.
ضمان تقييم أفضل للوضع الاقتصادي: يُمكّن من استشراف الفرص المحتملة لبرامج الاستثمار الجديدة، لدعم التنمية التي ترتبط في كثير من الأحيان بالوضع السياسي والاقتصادي الجديد.
متى يجب تغيير سنة الأساس للحسابات الوطنية؟
وفقًا للمعايير الدولية، يجب القيام بمراجعة دورية لسنة الأساس، لفترة تتراوح بين 5 و10 سنوات، ولكن عمليا، يتطلب هذا الأمر اعتمادات مالية وتقنية وبشرية مهمة، مما يعيق في كثير من الأحيان تطبيق هذه القاعدة.
التبعات التقنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية لتغيير سنة الأساس في الحسابات الوطنية : تغيير سنة الأساس يمكن أن يغير البنية الاقتصادية، كما يمكن أن يُغيّر جميع النسب التي يكون فيها القاسم (le dénominateur) هو الناتج الداخلي الخام (PIB)، مثل نسبة الدين، ونسبة الادخار، والحسابات الجارية، وغيرها، التي يمكن أن تكون لها تبعات اجتماعية واقتصادية وسياسية.
على المستوى الاجتماعي والاقتصادي : تجميع البيانات هي الأداة الرئيسية المستخدمة لتقييم الوضع الاقتصادي للدولة، وقد تؤثر هذه المراجعة على مؤشرات معينة مثل مؤشر التنمية، وترتيب الدولة من حيث “الدول ذات الدخل المنخفض” أو “الدول ذات الدخل المتوسط” أو “الدول ذات الدخل المرتفع”، وكذلك تقييم الوضع المالي للدولة، كما يمكنها تقييم مدى التزام الدولة ببرامج صندوق النقد الدولي.
على المستوى السياسي : يمكن أن تؤثر عملية تغيير سنة الأساس، اتفاقيات التنمية، واتفاقيات الحكومات مع شركائها، على غرار المؤسسات المالية الدولية، وإذا أدى تغيير سنة الأساس إلى خفض نسبة الدين (الدين/الناتج الداخلي الخام)، يمكن أن يساعد الحكومة في الحصول على قروض جديدة لتلبية العديد من الاحتياجات الاجتماعية وتنمية البنية التحتية.
شارك رأيك