العلاقات بين تونس و ليبيا مهمة و محورية و حياتية بالنسبة للبلدين المجاورين لذلك وجب الحذر و تجنب التصريحات النارية ليس فقط من طرف المسؤولين في تونس و طرابلس بل أيضا من طرف المواطنين في كلا البلدين الذين يحتاجون إلى بعضهم البعض. هذه المعاني يؤكد عليها الكاتب التونسي في التدوينة التالية.
بقلم طارق الكحلاوي *
بعد تصريح وزير الخارجية التونسي عثمان الجارندي أمس (الخميس 26 أوت 2021) الذي نفى فيه تسلل إرهابيين من ليبيا إلى تونس، اعتقدت أنه تم نزع فتيل أزمة مع ليبيا في سياق حالة الهستيريا التي تم تسويقها في بعض وسائل الإعلام. ليأتي اليوم (الجمعة 27 أوت) رئيس الحكومة الليبي عبد الحميد الدبيبة لإعادة إشعال الوضع، وصب الزيت على النار عوض التفاعل الإيجابي مع التصريحيحتاجون إلى بعضهم البعض الرسمي التونسي الوحيد في الموضوع.
عنتريات قذافية بمسميات جديدة
فوق ذلك أعاد طرح الكليشيه المعتاد (الذي سبق لخليفة حفتر، خصم الدبيبة، الحديث فيه) بأن “تونس صدرت الإرهاب إلى ليبيا”. ورغم أنه صحيح أن مئات الإرهابيين ذهبوا إلى ليبيا فإن ذلك لم يكن ممكنا لولا وجود حاضنة للإرهاب في بعض المناطق الليبية منها درنة وسرت وصبراتة، والجماعة الليبية المقاتلة ثم أنصار الشريعة الليبية أسسها وقادها وجنودها ليبيون.
الإرهاب وجد في كلا البلدين أساسا بسبب عوامل محلية إضافة إلى التأثيرات الخارجية ولم يصدر أي بلد الإرهاب للآخر وهذا ملف يستوجب تعاونا جديا ولا يجب أن يصبح شماعة يتم التلاعب بها زمن الأزمات. ذ
بالمناسبة تصريح الدبيبة يأتي في سياق توتر داخلي ليبي، ولن أشعر بالدهشة إن كان أحد أسبابه توجيه الاحتقان الداخلي والتنفيس عليه في شكل عنتريات قذافية. وللتذكير فإن من التصريحات التي عملت على التوتير نائب ليبي في الضفة المعارضة الدبيبة. بما يؤكد أن أحد عوامل التوتر مع تونس الصراع الداخلي الليبي.
حذاري من مزيد النفخ في النار
أهمية العلاقة بين البلدين تستوجب كثيرا من الحكمة والصبر ومن المهم أن لا يتم النفخ في اتجاه مزيد التأزيم. وهناك الكثيرون من محترفي النفخ في النار سيعملون على ذلك، ولهذا من المهم أن تحافظ السلطات الرسمية التونسية على ضبط النفس وعدم الرد على تصريحات الدبيبة غير المسؤولة.
أخيرا، مما يحز في النفس أن تونسيين مواطنين مثلنا مثلهم يقومون بالترويج سعداء لتصريحات الدبيبة معتقدين أن ذلك شماتة في قيس سعيد. هذا النوع من الرثاثة يدفع للقيء. دين أبوكم إيه؟!
* ناشط و محلل سياسي.
شارك رأيك