يتساءل الأستاذ المحامي فتحي الجموسي عن محتوى ما صرح به رئيس الجمهورية قيس سعيد مساء أمس الخميس 2 سبتمبر 2021 رئيس الجمهورية بحضور المجتمع المدني، ان كان من باب الكشف عن ملفات أو من قبيل العمل الانتقامي.
ننقل هنا رأي الأستاذ الجموسي كما نشره في حسابه الخاص بصفحات التواصل الإجتماعي و ذيله بهذه الجمل المتتالية: “منذ البارحة، أصبح شوقي و زوجته عرضة للاعتداء من أي كان، بل أصبح أبناؤه أيضاً عرضة للاعتداء و ربما للاختطاف لما لا و هم أبناء الملياردار زوج الملياردارة الفاسدين… ان كان الرئيس حقا يمسك بدليل إدانة أن يقدم ما لديه من وثائق للقضاء، و عليه ان لم تكن لديه ثفة في نزاهة هذا القضاء أن يأذن بحل المجلس الأعلى للقضاء ليكون هو رئيسا فعليا للنيابة العمومية”.
“حديث قيس سعيد عن شوقي الطبيب و نورالدين البحيري، هل هو كشف ملفات فساد أم عمل إنتقامي؟
مآخذي على شوقي الطبيب كبيرة وكثيرة وأهمها كونه شارك في لعبة قذرة نسجها نورالدين البحري.
فمنذ فيفري 2020 تكلم هذا الأخير في قناة اذاعية وتلفزية عن ملف تضارب المصالح المتعلق بإلياس الفخفاخ اسبوعا فقط قبل مصادقة مجلس النواب على حكومة هذا الأخير بعد سقوط حكومة الحبيب الجمني.
بعدها سكت البحيري لبضع أشهر لكن حين أرادت حركة النهضة تشريك قلب تونس في الحكم وحين شعر راشد الغنوشي بالخطر من تنامي شعبية عبد اللطيف المكي والذي ينافسه على رئاسة حركته (فالغنوشي في أسفل ترتيب نتائج سبر الآراء والثاني يتصدر أعلى هذا الترتيب بعد نجاحه إعلاميا في ادارة حملة مكافحة وباء الكورونا) وقتها قرر الغنوشي والبحيري ضرب عصفورين بحجر واحد بأن تقع الاطاحة بحكومة الفخفاخ لتشريك قلب تونس في الحكم وتحقيق أغلبية مريحة في البرلمان وضمان عدم تمرير لائحة في سحب الثقة منه وأيضا للتخلص من منافس خطر داخل حركة النهضة.
حينها أعاد البحيري فتح ملف تضارب المصالح وسلم أوراقه لعميل مدفوع الثمن مسبقا وهو ياسين العياري الذي كشف الموضوع للعموم لإحراج قيس سعيد والإطاحة بحكومة الرجل الذي سماه.
كلنا يتذكر كون من ضمن الأسماء المسربة على كونه سيخلف ويعوض الفخفاخ هو شوقي الطبيب الذي يبدو كونه إقتنع بجدية حظوظه لنيل المنصب فإنخرط بكل ما لديه من وسائل و مشاعر وحماسة في هته الحملة الشرسة وصلت به حد تجاوز كل صلاحياته كرئيس هيئة مكافحة الفساد فنصب نفسه طرفا في الصراع ثم نصب نفسه محكمة وإقترح تجميد أموال ومنع السفر على إلياس الفخفاخ الذي لا يزال وقتها رئيسا للحكومة.
شوقي الطبيب مدان سياسيا بكل المقاييس ويتحمل تبعة إنخراطه في هته اللعبة القذرة و يتحمل مسؤولية تهويل الموضوع وحتى تحريف الوقائع و التجني على شخص ألياس الفخفاخ الذي لم أكن يوما من مناصريه.
شوقي الطبيب يتحمل أيضا تبعة تدهور أوضاع البلاد الصحية و الإقتصادية نتيجة الاطاحة بحكومة عمرها لا يتجاوز بضع أشهر في وقت حرج للغاية طمعا في خلافة الفخفاخ وتعويضه.
شوقي الطبيب دفع ثمن مشاركته في هته اللعبة قبل حتى أن تنتهي اللعبة حين عزله من منصبه الياس الفخفاخ في آخر ايام حكمه.
الإنتقام والثأر من شوقي الطبيب لم يتوقف عند هذا الحد فبمجرد أن أمسك قيس سعيد بكل السلط بعد 25 جويلية سلط ضده قرارا بالإقامة الجبرية بعد ذاك الفلم البوليسي الذي دارت رحاه في مقر هيئة مكافحة الفساد.
والبارحة دخل قيس مرحلة خطيرة جدا من فنون الإنتقام من ثلاثي ملف تضارب المصالح، مؤلف الملف ومحرك الملف بعد أن إنتقم منذ مدة من كاشف الملف ياسين العياري الذي أودع بالسجن.
البارحة انتقم قيس سعيد ثأرا لشرفه وشرف من كلفه برئاسة الحكومة من شوقي الطبيب وأيضا من شريكه نورالدين البحري فإتهمها الإثنين بالفساد المالي.
إتهام خطير جدا ليس لخطورة الأفعال لكن بالأساس لخطورة طريقة الإتهام.
فقيس سعيد يعرف جيدا أن شوقي الطبيب وهو العميد السابق للمحامين أذكى بكثير من يلجأ لشراء أملاك بإسم زوجته لو فعلا تحصل على مليارات من رشاوى و يعرف أن شوقي أو غيره كان سيلجأ لتهريب تلك الاموال إلى الخارج وإقتناء عقارات أو ايداعها ببنوك أجنبية بأسماء مستعارة كما أنه يعرف جيدا أن الأملاك العقارية التي تمتلكها زوجته أغلبها ورثتها عن أبيها الثري جدا و البعض الآخر تملكتها قبل زواجها من شوقي وقبل أن تقع تسمية هذا الأخير رئيسا لهيئة مكافحة الفساد.
قيس سعيد يعرف كذلك أن نورالدين البحري رغم كونه مورط فعلا في الفساد ليس بالرجل السهل وأن وراءه حركة النهضة بأكملها ومستعدة أن تقف لجانبه و يعرف بالأخص أن القضاء لا يزال خارج سلطته بل وحتى قراره بترأس النيابة العمومية قد تم رفضه جملة وتفصيلا من المجلس الأعلى للقضاء.
قيس سعيد يعرف كل هذا ولذلك خير أن ينتقم من شوقي و البحيري وأن يحاكمهما بأسلوب جديد هو المحاكمة الشعبية وتأليب كل الناس ضد هذين الرجلين.
لست من جماعة انصر زميلك ظالما أو مظلوما ولم أدافع يوما عن شوقي الطبيب ولست مؤهلا أصلا لإدانته أو لإعطائه صك براءة من شبهة الفساد لكن هته الطريقة في الإنتقام والتشفي خطيرة جداً وغير إنسانية لأن أحكام المحاكم الشعبية لا تنفذ داخل السجون بل في الشوارع وهي طريقة من طرق سفك الدماء و إشعال الضوء الأخضر لتنفيذ حكم الشارع بالشوارع.
منذ البارحة أصبح شوقي وزوجته عرضة للإعتداء من أي كان بل وأصبح أبنائه أيضا عرضة للاعتداء وربما للإختطاف، لما لا وهم أبناء الملياردار زوج الملياردارة الفاسدين.
على قيس سعيد أن يوقف هته المهزلة حالا وإلا سيكون مسؤولا أمام الله وأمام القانون عن كل مكروه يحصل للرجل أو زوجته أو أبنائه، عليه إن كان حقا يمسك بدليل إدانة أن يقدم ما لديه من وثائق للقضاء، وعليه إن لم تكن لديه ثقة في نزاهة هذا القضاء أن يأذن بحل المجلس الأعلى للقضاء ليكون هو رئيسا فعليا للنيابة العمومية”.
شارك رأيك