لقد خسر محمد المنصف المرزوقي كل شيء بسبب مواقفه الزئبقية التآمرية المتقلبة بحيث لم يكن مفاجأة أن يتهمه صديق العمر طارق الكحلاوى بالقيام بأدوار مشبوهة تخدم قطر و تركيا و أنه أصبح مثار سخرية بعد أن أفلس سياسيا بارتمائه في أحضان البترودولار و استعدائه للشعب التونسي لأنه لفظه بل و تقيأه , ألقى به في مزبلة التاريخ الذي لا يرحم الخونة…
بقلم أحمد الحباسى *
ليلة 23 ديسمبر 2014 سقط محمد المنصف المرزوقي بغربال الشعب و خرج يجر أذيال الخيبة المرة من قصر قرطاج ، في تلك الليلة الطويلة طرح الرجل من مقر حملته الانتخابية تلك الفكرة الصبيانية التي أثارت ضجيجا من الضحك و السخرية اللاذعة لدى كل السياسيين و هي تكوين “تجمع” شعبي أطلق عليه في حينه و على السريع تسمية “حراك شعب المواطنين”.
لم يكتف من سمّاه البعض برجل قطر بتلك الهرطقة بل تبعها في جويلية 2015 بإعلانه عبر وكالة الأناضول التركية عن تأسيس كيان مصطنع سمّاه “المجلس العربي للدفاع عن الثورات و الديمقراطية” من بين أعضائه أيمن نور و توكل كرمان قيل أنه يهدف لإعداد شباب عربي يتحمل مسؤولية التعريف بالمؤامرات التي تستهدف إجهاض ما سمّاه “بالربيع العربي”.
ظاهرة صوتية تعيش من فتات المال القطري
طبعا نحن أمام ظاهرة صوتية تعيش من فتات المال القطري الملوث و لذلك ليس غريبا أن تخرج من لسان هذا الرجل بعض التصريحات المخجلة على شاكلة وصف الفرنسيين بالإسلاموفوبيا أو وصفه السلفيين بالظاهرة الصوتية وبالجراثيم التي لا يمكن لها أن تنبت في المجتمع التونسي متجاهلا أنه صديق حميم لأغلب قيادات هذا التيّار و على رأسهم الشيخ راشد الغنوشى و البشير بن حسن و أبو عياض.
طبعا، هذا الشخص يثير السخرية و أفكاره، إن اعتبرنا مجازا أن ما يسقط من لسانه فكرا، تحمل كثيرا من الغوغائية و تلامس حد الجنون لأنه رجل يعيش هوس السلطة تحركه أياد متآمرة على طريقة لعب الأطفال و لذلك تعالت الأصوات دائما بمطالبته بكشف صحّي و كانت التحاليل السياسية التي تلت تعيينه كرئيس من طرف حركة النهضة تؤكد أن هذه الحركة المشبوهة قد سلّمت “رأس البلاد” لحلاق أحمق لا يخض للرقابة الصحية العقلية المسبقة.
رجل فقد توازنه بمجرد صعوده إلى كرسي لم يحلم به قطّ
لقد فوجئ المتابعون بمجرد سقوط نظام بن على بظهور محمد المرزوقى دون أحم و لا دستور بملامحه الجامدة مثل توابيت المقابر و نظراته القلقة المحلّقة في المجهول ربما جراء ولادة متعسرة، صورة بائسة زادت قتامة للمشهد السياسي التي تربّعت فيه حركة الإخوان المسلمين لتنهب ثروات البلاد و تقيم الأفراح و الليالي الملاح بعد أن كانت قيادتها مبعثرة بين دول العالم، صورة تنطق ببؤس نفسي متجذر في كيان رجل فقد توازنه بمجرد صعوده إلى كرسي لم يحلم به قطّ لولا ظروف الزمن المقيتة. غلب على تصريحات الرجل تمجيد “الأنا” و برز بتلك “الإفيهات” المضحكة التي جعلت منه مدار سخرية و تندّر مسترسل و لأن هناك من يعتقد في الخرافات فقد رأى فيه الكثيرون “عتبة” جعلته لا يخرج من عزاء إلا لحضور عزاء آخر.
ولأن الرجل سمته الغالبة هي “التفاؤل” فقد تبرّع منذ أيام بتصريح سوداوي كالعادة يبشّر فيه مواطني هذا البلد بأن ما يترصّدهم هو النموذج اللبناني مؤكدا لهؤلاء الذين وصفهم يوم “بالسرّاق و الجهلة و الفاشلين و الكركارة” أن تونس يلزمها 30 عاما أخرى حتى تصبح دولة مثل ألمانيا و الدانمرك و فنلندا متجاهلا أن غاية ما فعله كامل مدته الرئاسية هي التذلّل للقيادة القطرية و الصمت على الاغتيالات السياسية و انتشار الإرهاب و سرقة موارد البلاد من طرف عصابة الترويكا الحاكمة.
معارك دونكيشوتية ضد الإمارات خدمة للمصالح القطرية
لقد تلهّى الرجل طيلة مدته الرئاسية بمعارك دونكيشوتية ضد الإمارات خدمة للمصالح القطرية زاعما أن أبو ظبي هي من تقف وراء “إجهاض الربيع العربي” وهي من تموّل الإرهاب رغم أن كل الأدلة قد كانت متجهة بالإتهام لحركة النهضة أبرز حلفائه في ذلك المثلث الحاكم.
لقد كانت المفاجأة كبيرة عند إعلان محمد المرزوقي عن تشكيل “حراك شعب المواطنين” لأن الرجل قد رسب في امتحان الانتخابات الرئاسية رغم “تبرع” حركة النهضة بخزّان ناخبيها نكالا في عدوّها السياسي المرحوم الباجى قائد السبسى و لذلك لم يستبعد السامعون فشل هذه التجربة المضحكة بل هناك من أكد بأن هذا الطفل المشوه قد ولد ميتا و لعل استقالات عدنان منصر مدير الحملة الانتخابية للمرزوقي و طارق الكحلاوى أكثر الأشخاص المقربين منه قد أكدت هذه الرؤية و بيّنت ضحالة مستوى التفكير السياسي لدى هذا المتصابي السياسي و الذي دفعته الأموال القطرية إلى واجهة الأحداث ليقوم ببعض الأدوار القذرة مثل قطع العلاقات مع سوريا و استقبال ما سمى “بمؤتمر أصدقاء سوريا” الذين يمثلون رأس الحربة في مشروع إسقاط الأنظمة العربية خدمة لإسرائيل.
بطبيعة الحال لن ينسى التونسيون حادثة “الكتاب الأسود” حين تجاسر المرزوقي بداعي الحقد الأعمى و التشفي المقيت إلى النيل من رموز حقبة مهمة من تاريخ تونس تعود إلى زمن حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، لقد تلاعب المرزوقي و عدنان منصر و بعض زبانية القصر بأرشيف الرئاسة و لعل هناك من لا يزال يعتقد بأن هذا التلاعب قد كان مبيّتا و لذلك اتهم البعض “الرئيس المؤقت” بتمكين قطر من جزء من هذا الأرشيف بل يسود اعتقاد راسخ أن هيمنة نور الدين البحيرى على القضاء هو من منع لحد الآن تحريك تحقيقات مطلوبة في فضيحة تسليم جزء من الأرشيف الوطني إلى دولة أجنبية.
كلما تصورت أنه لامس القاع يفاجئك بحفرة أخرى لم تتوقعها
لن ينسى التونسيون أيضا حين انهار المرزوقي باكيا وفاة محمد مرسى أحد رموز الإخوان الذين دمروا و سحلوا و قتلوا و عاثوا في الأرض فسادا. لعل أحسن ما في المرزوقي كما تقول الكاتبة ألفة يوسف أنك كلما تصورت أنه لامس القاع يفاجئك بحفرة أخرى لم تتوقعها، ليس فقط أنه رقص و احتفل بمقتل القذافى فهو من استقبل الإرهابيين و رعاهم وهو من المورّطين في تسليم البغدادي المحمودى وهو من يهين بلاده ورموزها عبر القنوات الأجنبية إلى جانب “خصال” ذميمة أخرى.
و هناك من يتساءل لماذا دعمت حركة النهضة المرزوقي للوصول للرئاسة و عند إعادة الترشح؟ ألا يكون ما جمع الشامي على المغربي هي مصلحتهما في بقاء بعض الملفات الخطيرة مغلقة خاصة و أن تلك الفترة قد حفلت بالأسرار و الخفايا و المنزلقات السياسية التآمرية و هل بالإمكان التفاؤل بقرب فتح ملفات المرزوقي و محاسبة كل الضالعين في مؤامرة ذبح الوطن؟
لقد خسر المرزوقي كل شيء بسبب مواقفه الزئبقية التآمرية المتقلبة بحيث لم يكن مفاجأة أن يتهمه صديق العمر طارق الكحلاوى بالقيام بأدوار مشبوهة تخدم قطر و تركيا و أنه أصبح مثار سخرية بعد أن أفلس سياسيا بارتمائه في أحضان البترودولار، و صدق من قال يوما: “محمد المنصف المرزوقي جندي قطري برتبة رئيس جمهورية”.
* كاتب و ناشط سياسى.
شارك رأيك