لقد بات واضحا أن الهدف الأول و الأخير لتحركات و مساع حركة النهضة الإسلامية هو تجويع التونسيين و جعلهم مهددين في مأكلهم و أمنهم و مستقبلهم و جعل الدولة ضعيفة تعبث فيها الفوضى و الفساد و الإرهاب و تقدمها لقمة سائغة في أفواه الدول التي تتآمر على أمنها و قوت شعبها المغلوب على أمره قبل انتفاضته المباركة في 25 جويلية 2021.
بقلم أحمد الحباسى *
حين خرج الرئيس قيس سعيّد معبرا بوضوح عن نيته محاربة الفساد و الضرب بقوة على أيادي محتكري المواد الغذائية و الخضر و الغلال و حين تمّ الكشف عن كميات مهولة من هذه المواد الحيوية المفقودة فى السوق تساءل البعض بتعجب كبير عمن يقف وراء عمليات احتكار بهذه الكميات المرعبة و هل هناك نية متعمدة من بعض الأحزاب أو من حزب معين اسمه حركة النهضة استهدفه الرئيس بقراراته التاريخية ليلة 25 جويلية الفارط هو من يقف وراء حرب الغذاء أو ما سمى بصناعة الجوع حتى يثور الناس في وجه الرئيس قيس سعيد و تسقط كل حملته لتطهير البلاد من إرهاب و إجرام هذه الحركة في الماء.
أزمة التهاب الأسعار المفتعلة من طرف الإسلاميين
لعل من بين الأسئلة المطروحة هو ما دور اتحاد الفلاحين برئاسة السيد عبد المجيد الزار المعروف بانتمائه لحركة النهضة في “إخفاء ” الخضر و الغلال و المساهمة بشكل فعّال في عمليات الاحتكار التي شملت كافة مناطق البلاد في تزامن غريب مع تهديدات رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بإسقاط ما سماه “بالانقلاب على الدستور” .
“صناعة الجوع” هو عنوان كتاب مهم تذكرته هذه الأيام بالصدفة و ربما بسبب خفايا هذه الأزمة المفتعلة المتعلقة بالتهاب أسعار الخضر و الغلال بشكل غير مسبوق و ما يتحدث عنه البعض من أن عمليات الاحتكار قد تم تدبيرها بليل وهي جزء مهم و أساسي في حرب كسر العظام بين الرئيس و بين مرشد الإخوان الشيخ راشد الغنوشى.
الكتاب يتحدث عن ملايين الجائعين في العالم في الوقت الذي تنتج فيه الأرض ما يكفى لإطعامهم و بالتحليل و الأرقام و البحث تبين أن هناك أياد خفية هي من تصنع ندرة هذه المحاصيل الزراعية و من تتحكم في أسواق البيع و من تقوم بعمليات التخزين الاحتكارية بل هي من “تصنع الجوع” لتتحكم في رقاب البشر و الأنظمة.
تعد الأزمة الحالية في تونس بين رأس النظام و رأس الأفعى الإخوانية وقود هذا الصراع القذر و تعمل حركة النهضة باستعمال أدواتها في اتحاد الفلاحين على خلق أزمة خانقة و الاستثمار فيها من أجل تسجيل نقاط سياسية ترى أنها تنفعها أو بمقدورها أن تجعل الرئيس يعيد حساباته الرافضة للحوار معها و القبول بالجلوس مجددا بما يمثل بالنسبة إليه انتحارا و فشلا سياسيا لم يحسب له حسابا.
أيادي خبيثة و مؤامرات ليلية و أموال خيالية ملوثة
ربما تكلم الرئيس تصريحا أو اكتفى بالتلميح لكن من الوجيه التساؤل كيف تقوم حركة النهضة بصناعة الجوع و ما هي الأطراف المتواطئة التي تشترك في هذه الجريمة النكراء و ما هي معلومات أجهزة الدولة حول هذا الأخطبوط القذر الذي يقوم بتوفير أماكن و مخازن إخفاء المنتوجات الفلاحية و ما هي الوسائل الناجعة القادرة على وأد هذه الحرب الإخوانية المعلنة على ملايين الشعب المنهك بعد أكثر من عشر سنوات عجاف من حكم حركة “الناس اللي تخاف ربى”.
بطبيعة الحال هناك جريمة قذرة مدبّرة و هناك إصرار و ترصد و هناك عيون و أيادي خبيثة و أموال خيالية ملوثة و هناك مؤامرة مكتملة الجوانب تهدف إلى إشعال البلاد و إدخالها في الفوضى حتى تحين للبعض فرصة الهروب إلى الخارج بعد أن تم وضع أغلبهم تحت الإقامة الجبرية، ترى من يقف وراء قتل التونسيين من خلال حرب التجويع و التفقير و من يقف وراء نشر الفساد في كل القطاعات طيلة أكثر من عشرية كاملة من حكم الإخوان الفاسدين.
حركة النهضة حولت تونس إلى مجرد سوق موازية
يعلم الجميع أن أغلب الحرائق التي شملت كامل مناطق الجمهورية قد كانت بفعل فاعل خبيث يسعى إلى قطع أرزاق كثير من التونسيين و يعلم الجميع أيضا أن اتحاد الفلاحين هو أحد أكبر المتسببين في فشل المواسم الزراعية و في قلة الإنتاج و المحصول، لقد تحولت تونس بسبب هذه الجرائم المدبرة من حكومات ما بعد الثورة و التي تقودها و تضع عليها رقابتها و ضغوطها حركة النهضة إلى سوق توريد لكل الدول التي تآمرت على تونس و على رأسها تركيا و مجرد إلقاء نظرة عابرة على كفّة الميزان التجاري بين البلدين يغنى عن كل تعليق.
لقد بات واضحا أن الهدف الأول و الأخير لتحركات و مساع حركة النهضة هو تجويع التونسيين و جعلهم مهددين في مأكلهم و أمنهم و مستقبلهم و جعل الدولة ضعيفة تعبث فيها الفوضى و الفساد و الإرهاب، النهضة التي حكمت البلاد عشرية كاملة هي المسؤولة أخلاقيا و سياسيا و اقتصاديا عن جوع التونسيين و موتهم و قتلهم بالكورونا و بالإرهاب كونها بعد أن حققت أهدافها بالركوب على الثورة تخلت عن مطالب الشعب و تركته للنهب و الموت و الاحتراب، بل أنها سمحت من خلال صفقات و قوانين على المقاس لدول أخرى متآمرة بالتدخل بالشأن التونسي بل تتحكم بالقرار السياسي و الاقتصادي.
النهضة باعت تونس للعصابات و مافيات التهريب
لقدغضت النهضة الطرف عن تواجد و تسرب قوى مخابرات دولية عاثت فسادا في تونس حتى تضع الشعب في احتكاك مستمر و كريه مع الجوع و الفوضى و الإحباط. لم تكتف حركة الإخوان بذلك طبعا بل أنها باعت الوطن للعصابات و مافيات التهريب و الآن بعد عشرية مرّة لا تزال هذه الحركة متشبثة بلغة الخيانة و بيع الضمير محاولة استرجاع ما فاتها من سلطان تركته أو أجبرت على تركه بعد أن خرجت جموع الشعب ليلة 25 جويلية منادية بإسقاط منظومة الإخوان و محاسبة قيادتها الخائنة.
لم يعد لهذه المنظومة مكان و لم يعد هناك مجال للتسامح مع قتلة الأبرياء و شياطين تنفيذ المؤامرات الأجنبية و لعله من المفيد اليوم تذكير هذه الفئة الضالة بأن الشعب يمكن استغفاله فترة من الزمن لكن استغفال شعب باستمرار هو ضرب من المستحيل و هنا نقول لشيخ الاخوان “أبكى كالنساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال”.
* كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك