أصدر رئيس الجمهورية أوّل أمس أمرا رئاسيا تضمّن جملة من الأحكام في إطار التنظيم المؤقّت للسلط جمّع فيه بين يديه كلّ السلطات، وضمّنه قرارات بتعديل الدستور وإجراء استفتاء مع وعود باحترام الحقوق والحرّيات وضمان الديمقراطية، وإنّ المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل، وهو يسجّل من خلال هذا الأمر بداية توضّح خارطة الطريق في هذا الظرف الدقيق الذي تمرّ به البلاد، فإنّه:
يؤكّد تمسّكه بما تضمّنته بيانات الاتحاد عقب 25 جويلية ويعتبر ما حدث فرصة تاريخية للقطع مع عشرية غلب عليها الفشل والتعثّر وسادتها الفوضى والفساد وانتشر فيها الإرهاب، إلاّ أنّه يرفض محاولة اعتماد فشل هذه العشرية ذريعة للمقايضة بين الحرية واحتكار السلطة.
يجدّد المطالبة بالتسريع بتشكيل حكومة بكامل الصلاحيات قادرة على مجابهة تعقيدات وضع زادته الحالة الاستثنائية تعقيدا وتأزّما، حكومة تكرّس استمرارية الدولة في تنفيذ تعهّداتها والتزاماتها واتفاقيّاتها مع الأطراف الاجتماعية.
يسجّل خلوّ الأمر الرئاسي من أيّ إجراءات أو تدابير للتنفيذ ومن أيّ تسقيف زمني للحالة الاستثنائية التي أعلنها منذ 25 جويلية 2021 ويرفض استمرار التدابير الاستثنائية وتحويلها حالة مؤبّدة.
ينبّه من مخاطر تجميع السلطات في يد رئيس الدولة في غياب الهياكل الدستورية التعديلية، ويعتبر الدستور منطلقا ومرجعا رئيسا في انتظار استفتاء واع على تعديله يكون نتاج حوار واسع كما يدعو إلى عدم حصر الإصلاحات في الشكلانيات وفي إعادة هيكلة النظام السياسي والانتخابي فقط بل يجب أن تشمل جميع المنظومات التي ترهّلت وخُرّبت بشكل منهجي على امتداد عقود.
يعتبر تعديل الدستور والقانون الانتخابي شأنا يخصّ جميع مكوّنات المجتمع من هياكل الدّولة ومنظّمات وجمعيات وأحزاب وشخصيات وطنية ويرفض احتكار رئيس الجمهورية التعديل ويعتبر ذلك خطرا على الديمقراطية وعلى التشاركية ويشدّد على أنّ لا حلّ للخروج من الأزمة الراهنة غير التشاور والتشارك والحوار على قاعدة المبادئ الوطنية وسيادة تونس وخدمة شعبها والتجرّد من المصالح الذاتية والفئوية.
يستغرب استمرار غياب بوادر أو إجراءات واضحة لوضع حدّ للإفلات من العقاب في جرائم الفساد والإرهاب والتسفير وخرق القانون وعدم تفعيل تقرير محكمة المحاسبات بخصوص الجرائم الانتخابية وتقرير التفقدية العامّة لوزارة العدل بخصوص الانتهاكات في مجال القضاء وقضايا الإرهاب.
يشدّد على وجوب احترام الحقوق والحرّيات باعتبارها مكاسب جاءت وليدة ثورة 17 ديسمبر- 14 جانفي ثورة الحرية والكرامة وعقود من النضال والتضحيات وليست منّة من أحد ويدين أيّ تدخّل في سير القضاء وفي حرية التعبير والإعلام والتنظّم كما يرفض مطلقا المساس بمكتسبات المجتمع التونسي بدءا بمجلّة الأحوال الشخصية ومرورا بحرية الضمير ووصولا إلى تكريس تقاليد الحوار الاجتماعي ويدعو كلّ الأطراف إلى الكفّ عن الشحن والتجييش الذي لا يزيد الوضع إلاّ توتّرا ولا يدفع إلاّ إلى التصادم والعنف ويحذّر من الانزلاق في هذا المربّع.
يجدّد التنبيه إلى تفاقم الأزمتين الاقتصادية والاجتماعية في ظلّ غياب الإرادة والتصوّرات والبرامج وتزامنا مع ظرف إقليمي ودولي خانق ومؤثّر سلبا على وضعنا الدّاخلي.
يجدّد التزام الاتحاد بدوره الوطني والاجتماعي في البناء والنضال والدفاع عن قيم الجمهورية ومدنية الدولة وتكريس الطابع الاجتماعي.
الأمين العام
نورالدين الطبوبي
شارك رأيك