على إثر صدور الأمر الرئاسي عدد 117 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 الذي أعلن بمقتضاه رئيس الجمهورية عن تجميع كافة صلاحيات السلطة التنفيذية بيده وحده وتنصيب نفسه محل السلطة التشريعية من خلال إسناد شخصه صلاحية إصدار مراسيم تقوم مقام القوانين وتفتح له الباب للتدخل في كافة المجالات والمساس بالحقوق والحريات وتنظيم العدالة والقضاء والإجراءات أمام المحكام والعقوبات المبينة بالتشريعات الحالية وحقوق الصحافة والإعلام والنشر وتنظيم الأحزاب والنقابات والجمعيات والمنظمات والهيئات المهنية ومادة الأحوال الشخصية ونظام الملكية والإلتزامات المدنية والتجارية وتنظيم إصدار العملة وتمكنه من امضاء القروض والتعهدات المالية للدولة وابرام المعاهدات الدولية والمصادقة عليها وإشهار الحرب وإبرام السلم وذلك في غياب آليات الرقابة أو حتى الإستشارة من طرف أي هيكل في الدولة وبتجاهل مطلق لكافة القوى الحية في المجتمع وبحرمان المواطنين من حق الطعن القضائي ضد ما سيصدر من قرارات ودون تحديد سقف زمني لهذه الحالة الإستثنائية مع تكليف الرئيس بصياغة الإصلاحات السياسية بمفرده بالإستعانة بلجنة يعينها بنفسه وتواصل العمل بالتوطئة والباب الأول والثاني من الدستور وأجزاء من بنوده إذا لم تتعارض مع منطوق الأمر الرئاسي،
ونظرا لخطورة التوجه الرئاسي الرامي إلى اختزال الدولة ومؤسساتها في شخص الرئيس وتحويل المواطنين إلى رعايا فاقدي الحقوق ومسلوبي السيادة وتجاهل كافة القوى المجتمعية المؤمنة بقيم الجمهورية والدولة المدنية ومبادئ الديمقراطية والحوكمة الرشيدة،
فإن الحزب الدستوري الحر:
- يرفض رفضا تاما محتوى الأمر الرئاسي المبين أعلاه ويندد بما جاء فيه من تكريس للحكم الفردي المطلق الذي ينسف مفهوم الجمهورية ويؤسس لنظام حكم يقوم على “البيعة” للحاكم بأمره وتفويضه للتصرف في رقاب العباد وإدارة كافة شؤون البلاد ويتقاطع مع توجهات التنظيمات الظلامية غير المؤمنة بدولة القانون والمؤسسات والداعية لإرساء “دولة الخلافة”.
- يدين استغلال رئيس الجمهورية لفرحة الجماهير مساء يوم 25 جويلية 2021 التي كانت نابعة من فهم التدابير الإستثنائية على أنها تهدف لإنهاء حكم تنظيم الإخوان ومكافحة الفساد وتحسين الظروف المعيشية وانصرافه لتوظيف المساندة الشعبية النابعة عن ذلك الفهم لإحكام السيطرة على كل مفاصل السلطة والتستر بالتدابير التي أقرها ليشرع في تحقيق برنامجه السياسي الشخصي دون أن يقوم بأي خطوة جدية لتفكيك منظومة الفساد والأخطبوط الإخواني وتحسين الظروف الاقتصادية والإجتماعية ومواجهة الأزمة المالية الحادة.
- يحمل رئيس الجمهورية المسؤولية القانونية والسياسية والتاريخية عن تسببه في توفير فرصة ثمينة لتنظيم الإخوان وأذرعه وبيادقه التي ساعدته في تدمير الاقتصاد الوطني وتغلغل الفساد والإرهاب لوضع أنفسهم في موقع “ضحايا الإنقلاب ” و” حماة الديمقراطية” والتوجه إلى الخارج قصد لعب دور المظلومية وتجييش الرأي العام الدولي مما قد يؤدي إلى عزل تونس عن محيطها الإقليمي والعالمي وتعميق أزمتها المالية الناجمة عن المديونية الخارجية المشطة وجر البلاد إلى انفجار اجتماعي يعصف بمؤسسات الدولة ويفتح الباب للفوضى والعنف.
- ينبه رئيس الجمهورية لضرورة تغليب المصلحة العامة للوطن ومراجعة قراراته التعسفية وسحب البساط من تحت أقدام دعاة التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي والنأي بنفسه عن اعتماد منطق الولاء المطلق في اختيار رئيس الحكومة وأعضائها ويدعوه للإسراع بتكوين حكومة كفاءات ذات خبرة في مختلف القطاعات تكون قادرة على مجابهة الملفات الاقتصادية والمالية الحارقة وفتح ملفات الأمن القومي المتعلقة بالإرهاب وتفكيك الأخطبوط الجمعياتي والسياسي الإخواني وتجفيف منابع تمويلاته ومكافحة الفساد دون انتقائية وحسابات سياسية ضيقة .
- يجدد دعوة رئيس الجمهورية إلى التفاعل الإيجابي مع النواب الذين عبروا عن استعدادهم لوضع إمضاءاتهم على ذمته لتسهيل عملية حل البرلمان طبق الآليات القانونية والذهاب لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها في الآجال الدستورية حتى يفسح المجال أمام الشعب ليمارس سيادته في اختيار ممثليه بكل حرية وروح مسؤولية عبر صناديق الإقتراع ويؤسس للإنطلاق في مرحلة الإصلاحات السياسية والإقتصادية والإجتماعية الجوهرية.
شارك رأيك