فيما أثنت تونس على شعار الأمل للتعافي المستدام من كوفيد وغيره من الأمور الحرجة التي يوجهها كوكبنا، قالت إن ذلك يتطلب من المجموعة الدولية “وضع الآليات اللازمة حتى يتحول هذا الأمل إلى واقع ملموس”. جاء ذلك على لسان وزير خارجيتها السيد عثمان الجرندي خلال تقديمه كلمة تونس في المناقشة العامة للدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 27 سبتمبر 2021.
وقال الوزير التونسي إن “القدرة على الثبات بالأمل لا يكمن أن تبنى ضمن السياسيات الحمائية لعدد من الدول ونزَعات القومية والانغلاق على الذات، وإنما ضمن إطار متعدد الأطراف قوي ومتوافق عليه، يستجيب لحاجيات جميع الشعوب وتطلعات”.
تونس تؤسس لديمقراطية حقيقية
وفي خطابه تحدث السيد عثمان الجرندي باستفاضة عن وضع بلاده في إشارة منه إلى ما طرق مؤخرا على مؤسسات التونسية في ظل القرارات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، إذ قال إن تونس شرعت اليوم في بناء قدرتها على الثبات بالأمل، “بالتأسيس لديمقراطية حقيقية وسليمة، تستجيب لإرادة الشعب التونسي وتطلعاته المشروعة إلى نظام ضامن لسيادته وحقوقه وحرياته وكرامته.”
وأوضح أن الوضع الخطير الذي تردت إليه الدولة وأصبح يهدد البلاد والمجتمع جراء التجاذبات السياسية العميقة والأزمة الاقتصادية والاجتماعية والصحية، “استوجب تدخل سيادة رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، واتخاذه لجملة من القرارات والإجراءات الاستثنائية استنادا إلى نص الدستور لتصحيح المسار الديمقراطي وفقا لإرادة الشعب التونسي.”
وأكد أمام المشاركين في المناقشة العامة للجمعية العامة، أن “الديمقراطية في تونس خيار لا رجعة فيه ولا تراجع عنه وأن حقوق الإنسان والحريات العامة والفردية مضمونة ومصانة ضمن مؤسسات قائمة على سيادة القانون ومبادئ الحكم الرشيد”، وهو ما فتئ رئيس الجمهورية يشدد عليه في جميع المناسبات.
هذا ولفت الانتباه إلى أنه “لا سبيل إلى إرساء نظام ديمقراطي حقيقي وسليم دون مكافحة الفساد والتصدي لسياسة الإفلات من العقاب التي أنهكت الدولة وأضعفت هيبتها ومؤسساتها ونظامها القضائي.”
وكما أثبتت تونس من خلال عضويتها في مجلس الأمن قدرتها على المساهمة البناءة في بلورة الحلول للعديد من القضايا الدولية وتقريب وجهات النظر بين مختلف الدول لتجاوز الخلافات والتأسيس لمرحلة جديدة من التضامن في العلاقات الدولية تجسدت عبر اعتماد مجلس الأمن بالإجماع للقرار 2532، بحسب السيد الجراندي، فإن تونس “لن تدخر جهدا في تحقيق تطلعاتنا المشتركة إلى المستقبل وإلى تنشيط منظمة الأمم المتحدة التي نريدها ونحتاجها ضمن “خطتنا المشتركة“.”
تونس ترحب بمخرجات اجتماع دول جوار ليبيا
هذا وشدد وزير الخارجية التونسي من على منبر الجمعية العامة، أن بلاده ستواصل أيضا دورها المؤثر في محيطها المباشر والإقليمي من خلال تقديم الدعم والمساندة للأشقاء في ليبيا لاستكمال المسار السياسي وإنجاز الاستحقاقات السياسية الانتخابية والأمنية المنتظرة، بما من شأنه أن يعيد لليبيا أمنها واستقراراها ويساعدها على استرجاع مكانتها كطرف إقليمي وازن، بعيدا عن أي تدخل في شأنها الداخلي.
وجدد في هذا السياق ترحيب تونس بمخرجات اجتماع دول جوار ليبيا الذي احتضنته الجزائر مؤخرا والذي شكل “آلية إقليمية محورية من شأنها تعزيز الدور الحيوي لدول الجوار في مساعدة الأشقاء الليبيين على تجاوز هذه المرحلة برعاية أممية وبدعم من المجموعة الدولية.”
هناك شعب في ركن من هذا العالم تنتهك حقوقه كل يوم
تظل القضية الفلسطينية بالنسبة إلى تونس قضيتنا الجوهرية التي لن نتوانى عن الدفاع عنها ونصرتها، على حد قول السيد عثمان الجرندي الذي دعا منظمة الأمم المتحدة، بجميع هياكلها وآلياتها إلى “وضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني”.
وتساءل “كيف يمكن لنا بناء الأمل والمجموعة الدولية لم تتمكن على مدى أكثر من سبعة عقود من إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين رغم مئات القرارات الدولية وما تم بذله من جهود ومبادرات دولية وإقليمية.”
و”كيف يمكن أن يحرص الجميع على تكريس حقوق الإنسان عبر العالم، في حين أن شعبا في ركن من هذا العالم تنتهك حقوقه كل يوم وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وبناء دولته المستقلة على حدود سنة 1967 وعاصمتها القدس الشريف.”
وأكد أنه من غير المقبول أن يبقى الحال في فلسطين على ما هو عليه إذا أردنا فعلا تعافيا حقيقيا للعالم، لأن “التعافي الحقيقي ليس فقط من الجوائح الوبائية، وإنما من كل المظالم والمآسي.”
تسوية الصراعات أمر أساسي لتحقيق أهداف التنمية
وبالمثل، فإن استمرار حالة عدم الاستقرار والمعاناة الإنسانية لعديد الشعوب في المنطقة العربية، بحسب الوزير التونسي، “يضع على المجتمع الدولي مسؤولية جسيمة لمضاعفة الجهود من أجل دفع مسارات التسوية في مناطق النزاع، بما في ذلك في كل مكان من سوريا واليمن.”
كما لن يشهد عالمنا التعافي دون مساعدة القارة الأفريقية على تسوية الصراعات التي تستنزف طاقاتها، “بما يتيح لدولتها تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لسنة 2030 والتأسيس لأفريقيا التي نريد وفقا لخطة الاتحاد الأفريقي لسنة 2063.”
القمة الفرنكوفونية
وذكر الوزير التونسي أن بلاده ستحتضن الدورة ال18 لقمة الفرنكوفونية بجزيرة جربة، يومي 20 و21 تشرين الثاني/نوفمبر 2021. وستمثل هذه القمة محطة هامة نحو تعزيز المضامين والقيم الكونية المشتركة للتعايش الإنساني والحضاري.
كما ستكون تونس جسرا للتعاون الاقتصادي والتنموي بما يساعد على تحقيق التنمية المتضامنة والمتكافئة من خلال احتضانها السنة القادمة للقمة الثامنة لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية بأفريقيا ” TICAD8″.
شارك رأيك