الذين تآمروا و قتلوا شكري بلعيد و الحاج محمد البراهمى ثم مشوا في جنازة الثورة و قطعوا العلاقة مع سوريا و نهبوا خزينة الدولة في تعويض من ارتكبوا تفجيرات سوسة و اغتيال الأبرياء في شعبة باب سويقة و رشوا آخرين بماء الفرق هم ذاتهم من أوصلوا البلاد إلى ما هي عليه اليوم من سقوط على كل المستويات.
بقلم أحمد الحباسى *
لقد ذبحوا الثورة و قتلوا مطالبها و ركبوها لنيل المغانم دون أن يكونوا مؤمنين بحصولها من الأساس.
لقد كانوا من الأوائل الذين قالوا المولى في السماء و زين العابدين بن على في الأرض و فيهم من تمسك ببقائه إلى حدود ساعات من تخليه المشكوك فيه عن السلطة و لكم في أرشيف قناتي تونس سبعة و حنبعل دلائل موثقة و براهين معلنة.
حركة النهضة استخدمت الثورة للتمكين و السيطرة
كانت الثورة خلاصة سنوات من شعور الكثير من المهمشين داخل البلاد بالذل و الاحتقار بل و انعدام العدالة الاجتماعية و انتشار الفساد و سقوط بعض القضاء في ممارسات أضاعت حقوقا اغتصبتها قلة حاكمة باسم قاعدة حوت يأكل حوت و قليل الجهد يموت.
لقد أنجز الشعب المنهك ثورة التضحيات و الدماء و الدموع و الأمل و سارت الجموع على أقدامها من جنوب البلاد و شمالها وسط صقيع و جوع و خوف لتظل تلك الفترة التي حفلت بوقائع و تضحيات و مواقف عالقة بتاريخ كل الذين عايشوها و تاجا على رأس كل مواطن سعى للتغيير إلى الأفضل دون نية في تخريب المؤسسات العامة و الخاصة.
مسيرات مهيبة لملايين هادرة “ديغاج… ديغاج” بصوت واحد و بشعار واحد استنسخته الثورة المصرية لتخلع أكبر نظام عربي في المنطقة العربية، لم يكن البعض شركاء في الثورة لكنهم بمجرد تنحى الرئيس بن على سعوا لتحقيق استفادة شخصية حزبية أو فردية بعيدا عن طموحات الشعب صانع الثورة و استهدفوا الوصول بسرعة للسلطة و السيطرة على مفاصل الدولة.
لقد استخدمت حركة النهضة على سبيل المثال الثورة للتمكين و السيطرة على الوطن فأضاعت و هي في الحكم بعد انتخابات شابتها كثير من الهنات فرصة للاستفادة من هذا الحراك الشعبي للقضاء على انحرافات النظام السابق و تحقيق أهداف الثورة من حرية و ديمقراطية و عدالة اجتماعية و كرامة إنسانية.
سرقوا الثورة، خطفوا الأحلام و قلبوها إلى فوضى و ترويع و اغتيالات
“منهم لله، سرقوا الأمل و الثورة، خطفوا الأحلام و قلبوها إلى فوضى و ترويع و اغتيالات للأبرياء و نهب لما تبقى من ثروة”… تصوروا أن شعبا يموت بالمئات يوميا بسبب جائحة الكوفيد و لا يجد قارورة أوكسجين و في المقابل مئات من حركة النهضة يرأسهم أحد قادة الجهاز العسكري السري ينادون وعلى بعد أمتار من قصر الحكومة بعلو الصوت لتمكينهم من ثلاثة آلاف مليار تعويضات عن ماضيهم و نشاطهم الملوث بالدم.
لو جمعنا ما يتقاضاه نواب السوء من مرتبات و حوافز لوصلنا إلى أرقام خيالية كان بإمكانها لو صرفت في مكانها لحلّت مشاكل اقتصادية كثيرة. أضف إلى ذلك تلك المليارات التي تمتعت بها سهام بن سدرين أو شوقي الطبيب أو عبد الرزاق الكيلانى في تسيير هيئات مشبوهة. لقد سممت ثعابين السياسة مسيرة و أحلام كل الذي حلموا يوما بأن غدهم سيكون أفضل، لقد سمموا بلدا بأكمله و لدغوا شعبا لذلك يبدو المواطن مترنحا غائبا مغيبا منهكا مع ذلك نحن نؤمن أن الشعوب لا تموت، قد تتعب أو تمرض لكنها لا تموت.
حركة سفرت الشباب للمحرقة السورية و جعلت من بنات تونس بغايا جهاد
اليوم و قد خرج الشعب حارقا مقرات حركة النهضة في تصرف واضح يراد منه تعبير هؤلاء المتظاهرين عن كراهيتهم العلنية الصريحة لهذه الحركة التي دمّرت عقول الشباب و سفّرتهم للمحرقة السورية و جعلت من بنات تونس بغايا تتقاذفها أحضان شرذمة من الإرهابيين القتلة ثم جعلت من مؤسسات الدولة مكانا شغّلت فيه كل أبناءها بدون معرفة أو مؤهلات أو شهائد علمية مناسبة و جعلت من المؤسسة الأمنية و القضائية مرفقا عاما لا يخدم إلا مصالح حركة النهضة و من دفع الجزية للحركة كما حصل عند تسليم البغدادي المحمودى.
اليوم لا بدّ من الحسم و المحاسبة، لا بدّ من فتح كل الدفاتر و الملفات، لا بدّ من الضرب بيد من حديد على يد القتلة و المضاربين بقوت الشعب، لا بدّ من الحزم لإيقاف نزيف الاقتصاد و إعادة عجلته للدوران، لا بدّ من ربّان نصوح يقود سفينة الوطن إلى برّ الأمان، انتهت اللعبة و انكشف الخداع و الخيانةو ما على الشعب إلا أن يقف في وجه القتلة و استرجاع مكتسبات الوطن ممن نهبوها طيلة أكثر من عشرة سنوات.
هؤلاء القتلة و ناهبي المال العام و بائعي الوطن لا يمكن أن يكونوا منّا أو نكون منهم ، مع هؤلاء يجوز الانحراف و تحريف ” دستورهم ” الملغم و يجوز تطويعه لغايات تخدم الشعب و يجوز تأويله في غير صالح و غايات هذه العصابة الدموية الفاشية التي اتحدت نواياها التآمرية مع بعض دول الخليج و دكاكين مخابرات أجنبية معروفة ، لا يمكن لشعب قدم مئات الشهداء و آلاف الجرحى أن يكون مع الانقلابات أو الانقلابيين و لكن لا بأس بأن يقبل أن يتخذ الرئيس تفسيرا ايجابيا لمقتضيات الفصل 80 من دستور حركة النهضة ليكون الأداة الدستورية القانونية التي يحارب بها الفساد و يعالج مخلفات الدمار الذي أصاب الاقتصاد ، اليوم و قد جاءت الحكومة الجديدة لا بأس أن نعقد الأمل و نحاول استعادة الثقة و مساعدة الوطن على النهوض من كبواته ، اليوم يجب أن تتم المحاسبة و محاربة الفساد بكل قوة و دون تراجع و لذلك لا بد لكل مؤسسات القضاء و الأمن أن تعمل بجدّ لفتح كل الملفات و على رأسها ملفات اغتيال الشهداء شكري بلعيد و محمد البراهمى و ملف التسفير و ملف الجهاز السري و ملف دكاكين القرضاوى.
* كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك