بحضور زوجته وابنته والعديد من أصدقائه ومحبّيه من الأدباء والشعراء، احتفى بيت الرّواية بالكاتب والرّوائي الراحل كمال الزّغباني في لفتة وفاء لأديب ترك بصمة مختلفة في عالم الأدب وذلك يوم السبت 09 أكتوبر 2021 بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي.
افتتح التظاهرة الكاتب لسعد بن حسين الذي أكد أن هذا اليوم يعتبر الافتتاح الحقيقي لأنشطة بيت الرواية، مشيرا إلى أنّ هذه السنة شهدت الساحة الأدبية فقدان ورحيل العديد من مفكّريها ومبدعيها، مؤكّدا:”من خلال هذا اليوم نحن نكرّم كلّ الأدباء الذين فقدناهم. صحيح أن هذا اليوم كان من المفروض إقامته في أربعينيّة كمال الزّغباني، ولكن بسبب الظروف تأجّل عاما كاملا، لذلك ارتأينا أن يكون يوما احتفاليا به، واليوم نحن لا نحضّر لجانب علمي، معرفي أو نقدي فقط، بل لجانب إنساني أيضا.”
انطلقت الندوة التي انقسمت إلى جلستين، أدار الأولى الروائي جلّول عزّونة وافتتحها الرّوائي محمد الجابلّي الذي قدّم مداخلة “قراءة نقديّة في رواية في انتظار الحياة” المتحصلة على جائزة الكومار الذهبي مؤكّدا:” يمكن اعتبار هذا النص مثالاً لتعدّد الأصوات في الرواية؛ فلهجاته تراوح بين العامّي الواسع من أرياف القصرين بالغرب التونسي إلى ريف قابس بالجنوب، مرورا بالفصحى ولغة الشارع كقاموس يقوم بذاته، أصوات ذوات متشظية مسكونة بالجنون والتهكم، بالثوريّة واللامبالاة، بالجديّة والسخرية، وأخرى ناطقة باسم الشهوة والاعتدال، الرغبة واحتقار الجسد، الفنّ والمتعة، شخصيّات تحمل لواء الدين والسكين، تتورّع بين خرجات التعبد وقضبان السجون، كلها أصوات وإن تغايرت أو ربما تناقضت فإنها تحيل على واقع مرير. هنا يتجلى ابداع كمال الرائع، هي رواية أسميها أنا أسطورة.”
أما النّاقد أشرف القرقني فقد قدم قراءة في رواية “ماكينة السعادة”، وقال في كلمته:” ربما لم تكن ماكينة السعادة التي ظل يكتبها لعشر سنوات حاضرة في حياته إلاّ عنوانا لأحد مؤلفاته أو مبحثا فلسفيا ولكن كان سعيدا بمملكة شيدها بنفسه أو ربّما قد نجح في إيهامنا فقط بهذه السّعادة من خلال تعاليقه السّاخرة ومنشوراته التي تعبث بواقع بوهيمقراطي، ففي هذا الواقع ليست السعادة إلاّ وهما لا يجب الرّكض خلفه.”
أما الجلسة العلمية الثانية فقد أثّثها كل من الفيلسوف سليم دولة مقدّما مداخلة بعنوان “سليم دولة المتوغل” والأستاذة حياة حمدي التي قدمت مداخلة بعنوان “كمال الزغباني قارئا لدولوز أو الفلسفة ضد البلاهة.
أما الجزء الثاني من تكريم الزغباني فقد قدمه كل من الشاعر الناصر الرديسي الذي قدم مداخلة بعنوان “الزغباني وسنوات الجمر”، المخرج المسرحي والممثل غازي الزغباني الذي تحدّث عن كمال الزغباني المتعدد المواهب وغيرها من المداخلات التي تراوحت بين العلمي والإنساني والتي قدمها أصدقاء الكاتب الراحل منهم الناقد جلول عزونة والدكتور جلال الرويسي قبل أن يتم عرض فيلم وثائقي من إخراج كوثر الحمري.
أما الجزء الأخير من هذه التظاهرة التكريمية كان من تأثيث مجموعة من الشعراء منهم الشاعرة أمامة الزاير، الثريا رمضان، الطيب بوعلاق، محمد الهادي الوسلاتي، الناصر الدريسي، رحيم الجماعي وكمال الغالي الذين قدموا أبياتا شعرية مهداة لروح فقيد الساحة الأدبية. قبل أن يتم عرض مشهد مسرحي من تأليف كمال الزغباني وقدّمه أحمد أمين بن سعد لتختتم التظاهرة بعرض موسيقي مشترك بين طارق معتوق ورضا الشمك ويتم تكريم كمال الزغباني في شخص زوجته السيدة عفيفة الزغباني وابنه شهدي الزغباني.
رحل كمال الزغباني وترك رواية لم تكتمل بعد، رواية كان قد سلّمها للكاتب ناجي الخشناوي لمراجعتها وربّما ترك مشاريع أخرى لم تكتمل، ربما هي مخفية في زاوية من زوايا مملكته، أو بين مذكراته أو دفاتره، أو ربما هي مسودّات دسّها في آخر رواية كان يقرأها قبل أن يغازله قلبه اشتياقا لأرض غير أرضنا.
شارك رأيك