لا أحد يصدّق الإخوان المسلمين فرع تونس و لا أحد يصدق انشقاقهم من حركة النهضة و لا أحد يصدق وجود مراجعات، هذه فئة ضالة لا تخضع لمقاييس المنطق و لا تؤمن بمفهوم الوطن و لا بكونها قد أصبحت الكيان الأكثر كراهية لدى المواطن التونسي بكل مشاربه الفكرية.
بقلم أحمد الحباسى *
خذ مثلا حمادى الجبالى، هل تغيّر بعد الانشقاق؟ قس عليه بقية المنشقين من لطفي زيتون مرورا بعبد الحميد الجلاصى وصولا إلى عماد الحمامى. لاحظ معي أن الأستاذ سمير ديلو الذي يراه البعض من الحمائم هو الأخطر لأنه يحاول الإيحاء بالاختلاف مع الشيخ راشد الغنوشي، رئيس الحركة، مع أنه لا يزال يمارس علاقاته القبيحة مع ائتلاف الكرامة الذي يمثل الحديقة الخلفية المعدة لممارسة العنف و بعض المقاولات القذرة التي تتجنبها الحركة من باب “التعفّف” السياسي الذي يتطلبه وجودها في الحكم.
أمس، الجمعة 8 أكتوبر 2021، تمّ طرد سمير ديلو من كلية العلوم القانونية و السياسية بعد أن رفع الطلبة في وجهه شعارا واضحا يقول “يسقط جلاد الشعب ، يسقط حزب الإخوان”.
تلاحظون معي أن الطلبة لم يخطئوا معتبرين أن الرجل هو أحد كوادر المنظومة الفاسدة التي دمّرت البلاد خلال العشر سنوات الأخيرة و أنه لا يزال في نظرهم رغم مسرحية “الانسلاخ” أحد جلادي الشعب و جزءا من حزب الإخوان.
تونس لن تكون أبدا حاضنة للإسلام السياسي
طبعا، الإخوان بارعون في التقية و التمكين و اللغة المغشوشة و الأفكار المدسوسة و النوايا الخبيثة، و بطبيعة الحال هم أول العارفين و المقتنعين بأن تونس لن تكون أبدا حاضنة لا للفكر الوهابي و لا لفكر الإسلام السياسي و هم يدركون هذه المرة أن كل السبل قد سدّت أمامهم بعد أن تخلت عنهم قطر المتلهية بمحاولة رتق علاقاتها المترنحة مع مصر و السعودية و تخلت عنهم تركيا التي طردت أبواق الإخوان الإعلامية عربونا و قربانا لمحاولة الخروج من عزلتها الإقليمية بعد أن كان وزير خارجيتها السابق أحمد داوود أوغلو قد وعد دول الجوار بصفر مشاكل فأصبحت كل خطوطها مشوشة بعد انخراطها القذر في الحرب على سوريا.
من المؤكد أن حركة الإخوان في تونس قد أعلنت النفير العام و سخرت كل “ذكائها” السياسي لمحاولة صدّ انعكاسات القرارات الرئاسية الأخيرة و تجنب ما يعتبره كثير من المراقبين بالسقوط الأخير.
هنا تأتى مناورة الانشقاق المشبوهة و تأتى الضغوط الأمريكية و الأوروبية المتزامنة على الرئيس قيس سعيد و تأتى حرب التجويع و ارتفاع لهيب الأسعار المتعمدة من طرف اتحاد الفلاحين الذي يقوده النهضاوي عبد المجيد الزار و تأتى محاولة استثمار أزلام النهضة القارين مثل جوهر بن مبارك و زياد الهانى و الصافي سعيد و نجيب الشابى بتواجدهم اليومي في المساحات الإعلامية “الخوانجية” و في مظاهرة “المليونية” المزيفة. *
“المنشقون” يريدون تكوين حزب احتياطي بديل عن حركة النهضة
من المؤكد أن “المنشقين” يريدون تكوين حزب احتياطي بديل لا يختلف عن حركة النهضة و من الثابت أن هذه اللعبة يراد لها أن تلقى رواجا في بعض الأوساط التي تنادى بحل حركة النهضة و اختفاء الشيخ راشد الغنوشى من المشهد السياسي نهائيا. و هنا يجب الإشارة إلى بعض التسريبات التي تطالب الرئيس بحوار سياسي مع الأحزاب التي لم تكن محل مساءلة أو ليس عليها شبهة فساد و آخرها مبادرة الاتحاد التونسي للشغل.
لقد أثبت الرئيس منذ ليلة 25 جويلية أنه يرفض الحوار مع حركة النهضة و أن جميع “صواريخه” موجهة نحو هذا الهدف بغاية تحميله مسؤولية تدمير مقدرات الدولة التونسية طيلة 10 سنوات من الحكم. من الثابت أيضا أن كل الضغوط الدولية التي تقف وراءها قطر و اللوبي الصهيوني إضافة إلى بعض قيادات الحركة أو المتعاونين معها من خلف الستار قد فشلت في تغيير مسار هذه الصواريخ لذلك تدرك الحركة أكثر من أي وقت مضى أن مجال المناورة و اللعب على الحبال تضيق شيئا فشيئا مما يدفعها إلى “تهريب” أكثر ما يمكن من قياداتها من مجال المحاسبة القضائية التي يسعى إليه الرئيس بكل قوة. لذلك تحدث سمير ديلو و عبد اللطيف المكي عن انسلاخات جديدة قادمة في محاولة يائسة للإيحاء بوجود خلافات مع الشيخ المرشد و الحال أن تلك الانسلاخات هي حركة مدروسة و نية مبيتة من مجلس الشورى.
إن من يعرف حقيقة الإخوان و فكرهم و أفكار شيخهم و أشهر أقوالهم التي تخصّ نظرتهم للوطن (“وما الوطن إلا حفنة من تراب عفن” كما يقول شيخهم حسن البنّا) يدرك بطبيعة الحال أنه لا يؤتمن جانب لهذه الفئة الضالة.
* كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك