في مختلف أصقاع الدنيا وعبر كل العصور الغابرة يعتبر الاستقواء بالأجنبي في حل الخلافات والنزاعات الداخلية بين أفراد الشعب الواحد خيانة عظمى بكل المقاييس… فخيانة الوطن والمواطن ليست وجهة نظر إطلاقاً حتى يدافع عنها أو تبرر أو تعذر وبتالي وجب غلق هذا القوس المشين من الكوميديا التراجيدية التي نعيشها اليوم في بلادنا تونس في أسرع وقت ممكن. و قديما قال الزعيم الحبيب بورقيبة: “ما نخاف على تونس كان من أولادها”.
بقلم طه عبد القادر العلوش *
لنفرض جدلاً أن الرئيس قيس سعيّد منقلب أو انقلابي حتى…. طيّب…
لنسلّم أنه مشروع دكتاتور قادم على مهل خاصة بعد أن ركز بين يديه كل السّلطات استثنائياً… موافق…
لكن أن تطلبوا منّا مساندة طبقة سياسية مهيمنة كانت في الحكم طيلة العشرية الأخيرة… بعد أن قادت البلاد الي شبه الإندثار على كل المستويات…فهذا غير مقبول أو ممكن !؟
العملاء و الخونة لن يفقهوا معنى الوطنية
هل تعرف لماذا؟
ببساطة، لأنه على إمتداد ال 80 يوماً المنقضية برهنتم لنا بما لا يدع مجالاً للشكّ أنكم غير وطنين، أقرب للعمالة والخيانة من مجرد الإنتماء لبضعة من هذه الرقعة الترابية الطاهرة… فلن تقدروا أبدا على فهم معنى الأمة وسيادة الأوطان…
حين يتظاهر رئيس جمهورية مؤقت أسبق من باريس ويدعو المستعمر السابق لبلادنا للتدخل في الشأن الداخلي التونسي بصفة علانية من أجل قلب موازين القوى ومنه كبح جماح مهجة الإرادة الشعبية… فعلا خسئتم وخاب مسعاكم حقاً…
من جهة أخرى، حزب حركة النهضة ومجموعة المقاولات السياسية التي تدور في مدارها تشتري الدعم الخارجي بالعملة الصعبة عن طريق عقود للوبينقْ وزيارات للسفارات بالخارج ومجالس نواب للتآمر على تونس وشعبها في ظرف اقتصادي صعب… كل العار والذّل لكم…
كل هذا من أجل انكم لم تعودوا في المعادلة السياسية… لأنه أصبح من الصعب عليكم أن تقدموا خدماتكم بمقابل للمستفيدين من اقتصاد الرّيع في تونس…
إرحلوا أيها الخونة لقد لفظكم كل التونسيين
لم يكفهم ذلك فقد أمعنوا في غيهم وذلك على اثر قيامهم بمراسلة أكثر من خمسين دولة منتمية لمنظمة الفرنكوفونية بهدف سحب تنظيم القمة المزمع احتضانها من قبل الدولة التونسية و تحديداً بجزيرة جربة في بحر شهر نوفمبر القادم… يتعللون بأن تونس دولة غير مستقرة و ان نظامها الحالي لا يتوافق مع مبادئ وقيم المجموعة الفرنكوفونية… بل يواصلون ضغطهم باستعمال عرائض و شهادات قُدّت على المقاس بهدف إضعاف الرئيس و موقفه دولياً في تقديرهم… لا يعرفون انهم بهاته التصرفات إنما هم بصدد معاقبة جميع التونسيين إذ كانت هذه التظاهرة بالنسبة لنا بمثابة فرصة الأمل الأخير للإنعاش القطاع السياحي والذي عانى الأمريّن بسبب جائحة الكوفيد 19 على امتداد السنتين الأخيرتين حيث فقد أكثر من 200 ألف عامل في القطاع مورد رزقه هذا دون الحديث عن المداخيل من العملة الصعبة التي كان من المؤمل تحقيقها خاصة ونحن بصدد تسديد و إرجاع إرث من القروض المتخلدة بذمتنا طيلة العشرية المغدورة نتيجة “فاسدقراطيتهم”.
لقد لفضكم أغلب المواطنين بقرارات قيس سعيّد أو دونها…
فوالله لقد أصاب بن علي فيكم عندما قال المتمسحون على الأعتاب… والله الرجل بكل أخطائه ومساوئه… يبقى في مادّة الوطنية رقما صعبا مقارنةً بحضيضكم.
نحن نختار الوطن دائما لا نقبل الجدال فيه… أو مقايضته حتى ولو بالديموقراطية فبين الأهم والمُّهم الخيار بيّن وجليّ بالنسبة لنا…
إن الرئيس سعيد بشر مثلنا، فقد أخطأ في الماضي وسيخطئ في المستقبل… لكن نحن نختار معاركنا دائما فنفضّلها مع مستّبد ممكن مستقبلاً يقاسمنا قيم الوطنية على كرتالاتكم المتلونة بالغدر والخيانة وعدم الإنتماء الوطني الذي يعدُّ من أبرز شيمها…
ارحلوا غير مأسوف عليك…
عاشت تونس حرة أبيّة منيعة أبد الدهر…
*طبيب وناشط سياسي
شارك رأيك