الخراب الاقتصادي كان يدب في تونس منذ عشر سنوات ووكالات التصنيف الدولية لم تتوقف عن خفض ترقيم تونس بعد الثورة – وتخفيض موديز الأخير الذي أعلن عنه أمس الخميس 14 أكتوبر 2021 هو التاسع في عشر سنوات – وذلك بسبب ضبابية الرؤية وتوافقات هشة غير مبدئية تتغير بسرعة… وحكومات عاجزة عن إصلاحات حقيقية غير إثقال كاهل الأجراء بإجراءات منها ضريبة وقتية تحولت إلى دائمة وعززت عدم ثقة الناس في الحكام.
بقلم طارق عمارة *
الأزمة الحالية في تونس وغياب رؤية سياسية معلنة هي من أسباب التسريع بتخفيض التصنيف الائتماني لبلادنا من طرف وكالة الترقيم الدولية موديز الذي كان متوقعا منذ أشهر عديدة.
لكن الحقيقة أن الأسباب أعمق من ذلك وهي نتيجة لتعفن المناخ السياسي والاقتصادي من سنوات عديدة وتتحمل فيها النخبة السياسية المسؤولية الرئيسية. وكان محافظ البنك المركزي الطرف الرئيسي الواعي بذلك.. والذي كان بكرر منذ نهاية العام الماضي ان تونس مهددة بخفض التصنيف الائتماني وانه يحاول تأجيل أي تصنيف داعيا الجميع إلى تحمل مسؤولياته لتفادي الكارثة.
عدم ثقة الناس في الحكام و سوء حوكمة هؤلاء
الخراب الاقتصادي كان يدب من عشرة سنوات ووكالات التصنيف لم تتوقف عن خفض ترقيم تونس بعد الثورة بسبب ضبابية الرؤية وتوافقات هشة غير مبدئية تتغير بسرعة… وحكومات عاجزة عن إصلاحات حقيقية غير إثقال كاهل الأجراء بإجراءات منها ضريبة وقتية تحولت إلى دائمة وعززت عدم ثقة الناس في الحكام.
الإصلاحات الاقتصادية كانت فقط عناوين لكل الحكومات المتعاقبة موجهة للخارج ولم تكن أكثر من ذلك. والأولوية الحقيقة كانت التمكن من مناصب الوزراء و الولاة وصولا إلى العمد والصراعات لم تكن لصالح الناس التي تعاني الويلات.
المهم أنه حصل الفاس في الرأس الآن والتصنيف يضع تونس في خانة الدول عالية المخاطر للإقراض مما يعني تقريبا لا تمويلات خارجية من السوق المالية لكلفة الإقراض المرتفعة جدا.
خطاب طمأنة للداخل والخارج و إصلاحات واضحة و سريعة
الحل بيد الرئيس فقط الذي يستأثر بأغلب السلطات الآن والحكومة خلال أسبوعين على أقصى تقدير : خطاب طمأنة سريعا للداخل والخارج وخطاب اقتصادي موحد وفتح قنوات الحوار سريعا مع شركاء اجتماعيين واقتصاديين تونسيين يليه مباشرة اتصال بصندوق النقد الدولي ثم إعلان برنامج زمني محدد يضعه الرئيس يتضمن المحطات المقبلة من حوار لتعديل النظام السياسي ويشمل اللاعبيين الرئيسيين وتاريخ للاستفتاء وآخر لانتخابات مبكرة سيجعل الصورة واضحة للجميع في الداخل والخارج وينهي أي ضبابية ويعيد الثقة بشكل كبيير.
في الأثناء يتعين أن يجري عمل سريع على تعبئة موارد التمويل الأجنبي عبر علاقات ثنائية ويمر عبر دبلوماسية نشطة وهو أمر ممكن ومتوقع البديل عن التحرك سريعا جدا أسوأ مما يمكن تخيله.
* صحفي اقتصادي.
شارك رأيك