عندما وصفوه بأنه ناشط حقوقي أو ناشط سياسي لم يكن قصدهم طبعا أنه من كبار المنظرين السياسيين أو من لهم باع و ذراع فيها، معاذ الله، الحكاية و ما فيها أن محمد المنصف المرزوقي المعروف أكثر بالطرطور و برجل قطر في تونس يشتغل في السياسة شأنه شأن أي بائع مواد غذائية يعتبر نفسه مؤهلا لممارسة مهنة الهندسة لذلك عرف الرجل بمواقفه السياسية المتلاطمة و المتنافرة و الخارجة عن العرف و الحنكة و اللباقة.
بقلم أحمد الحباسى *
لم يتخذ الطرطور موقفا واحدا إلا و عمل ضده أو نطق بخلافه أو تنازل عنه بخفة الراقصات و لؤم مرتزقة السياسة الذين تكاثروا و تناسلوا بعد ثورة “البرويطة” التي تبرأ الكثيرون منها و نسبها البعض الآخر للمجهول و تمسك بها البعض مثل حركة النهضة لتكون الأداة الناجز لوصولهم إلى حلم تأسيس الخلافة السادسة.
مواقف المرزوقي المضطربة لا تدخل في باب الألاعيب السياسية كما يتبادر للذهن بل هي حالة تردد و تذبذب متأصلة في الرؤيا و المواقف و أميّة سياسية فاضحة و كان آخرها تصريحاته الفجة حول نشوته بتأجيل قمة الفرانكفونية.
إبن قطر في تونس في حضيض سوق النخاسة
عندما يصف البعض محمد المرزوقي بالإبن المدلل لقطر في تونس فمثل هذه الأوصاف المخجلة لا تزيد من قيمته الأخلاقية بل تنزل بها إلى حضيض سوق النخاسة لأنه و ببساطة شديدة لا يمكن للتونسيين مهما اختلفت آراءهم أن يتقبلوا بمن تعود تشويه سمعتهم بوصفها بالسراق و الكركارة إلى آخر قائمة الأوصاف الهابطة التي أرسلها فخامة الطرطور في إحدى نزواته الإعلامية الهابطة على قناة “الجزيرة” أن ينتمي إلى هذا الوطن.
يتذكر المواطنون أن فترة المرزوقي الرئاسية هي الأكثر سوءا بعد الثورة و خلالها تم بيع البغدادي المحمودى إلى جلاديه في ليبيا و اغتيال الشهيدين بلعيد و البراهمى يضاف إلى ذلك حمايته لميليشيات “روابط حماية الثورة” و التأشير على إطلاق سراح آلاف المجرمين الذين حولتهم حركة النهضة إلى قنابل تكفيرية موجهة إلى صدور الشعب السوري بعلم المرزوقي و صمته المخجل.
عندما يصف البعض محمد المرزوقي بالحقوقي فلا نعرف هل المقصود بذلك “تعاونه” مع النظام القطري في التنكيل بالمواطن التونسي المحتجز في الدوحة السيد محمود بوناب أو تواطؤه مع حركة النهضة لتسليم البغدادي المحمودى أو وضع يده في يد مجرم إسمه عمر البشير مطلوب للعدالة الدولية أو مقاسمته فراش الصداقة للنظام القطري المتعاون و الخادم للحركة الصهيونية.
رئيس مؤقت سابق يغرد دائما خارج السرب
لا أستذكر أي فعل ايجابي لرئيس الصدفة و لا أعتقد أن أغلبية التونسيين يكنون قليلا من الاحترام لشخصه خاصة بعد مواقفه السلبية الأخيرة واستقوائه بأطراف أجنبية ضد بلده فعن أي حقوق يتحدث ابن قطر المدلل؟ هناك مثل و حكمة تقول “يمكن للقذارة أن تصعد بك إلى الأعلى. ولكنها لن تبقيك طويلاً هناك“.
لعل أهم ما “يميّز” الرئيس المؤقت السابق أنه يغرد دائما خارج السرب و يطلق تصريحات أقل ما يقال فيها أنها رعوانية و لا تنمّ عن حنكة سياسية أو إطلاع على أبسط أبجديات و مقاومات الخطاب السياسي يضاف إلى ذلك رغبته الجامحة في الظهور الإعلامي المخصص لوسائل إعلام أجنبية معروفة بعدائها الصريح للسياسة التونسية، قناة الجزيرة و قناة فرانس 24 مثالا، و رغم سقوطه الانتخابي المدوي في امتحان الانتخابات الرئاسية سنة 2014 و إعلانه الصريح عن اعتزاله العمل السياسي فقد بقى الرجل في مغازلته للنظام القطري مقدما رافعة سياسية لتدخل هذه الدولة في الشؤون الداخلية التونسية و آخرها تدخلها لدى الرئيس قيس سعيد في خصوص مصير حليفها راشد الغنوشى.
على الجانب الآخر لا يخفى المرزوقي علاقته بالدوائر الفرنسية التي لها حنين لماضيها الاستعماري القذر بحيث يأتي تصريحه الأخير بعد تأجيل القمة الفرانكفونية دليلا قويا على هذا الهبوط الأخلاقي قبل السياسي حين قال “لا يمكن لفرنسا الديمقراطية أن تقف إلى جانب نظام دكتاتوري”. هكذا بكل صلف و وقاحة.
متى ستتطهر تونس من هذه الحثالة ؟
لم يعد ممكنا مزيد السكوت على تصرفات محمد المرزوقي و لم يعد مقبولا أن يتجول الرجل بين عواصم العالم بجواز سفر دبلوماسي ناقلا تصريحات غير دبلوماسية تحرض على الحكومة و تدفع بعض البلدان لاتخاذ مواقف سياسية و اقتصادية سلبية ضد تونس مثل تبجحه الهابط في إحدى وسائل الإعلام الأجنبية بمساهمته في قرار عدم اجتماع قمة الفرانكفونية ، لعل صدور قرار منذ ساعات بسحب جوازه الدبلوماسي هو أضعف الإيمان و الحال أنه لم يعد مقبولا أن يتمتع رئيس الصدفة بكافة الامتيازات الوظيفية بعد عزله الانتخابي في الانتخابات الرئاسية سنة 2014 أولا بسبب مواقفه السيئة و المشبوهة ضد الشعب و ضد النظام القائم و ضد وسائل الإعلام و ثانيا بسبب الحالة الاقتصادية المتعسرة و التي كان المرزوقي جزءا من منظومة الترويكا التي حكمت البلاد برعونة زائدة أدت إلى انهيار الاقتصاد و نهب موارد الدولة .
إن ثمن الخيانة فادح ويجب أن يتحمله كل من باع ضميره ووطنه، طبعا يتغافل المرزوقي و من لفّ لفّه عن حقيقة ساطعة تقول أن الوطن باق مهما عصفت به الظروف والأشخاص زائلون لا محالة ولكن شهوته الجامحة في الوصول للسلطة والمال الملوث مهما كان الثمن هو المسيطر والمحرك الأساسي لخيانته و بيعه لوطنه لذلك يجب على الدولة أن تحاسب كل من تآمر وحرض وخان حتى تتطهر تونس من هذه الحثالة ويجب على الشعب أن ينبذ مثل هذا الخائن ولا يرحب بوجوده على أرضه حتى يردع كل من تسول له نفسه يوما ما بيع الوطن من أجل السلطة أو المال. ذ
إن خيانة الوطن جريمة عظمى لا تغتفر أبدًا لأن المجني عليه أمة بأكملها. إن أي فعل مشين يمكن لفاعله أن يجد له مبررًا إلا خيانة الوطن فلا مبرر لها ولا تسامح مع الخائن أيا كانت منزلته أو السبب الذي دفعه لارتكاب هذه الخطيئة الكبرى فالوطن هو العرض والشرف ومن هان عليه وطنه هان عليه عرضه وشرفه.
* كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك