جرّ منظمة حشاد إلى المحاكم لن يتوقف اذ قلنا اكثر من مرة ان رياح الانقلاب على الفصل 20 لن تمر دون ان تخلف اضرارا فادحة على حاضر ومستقبل الاتحاد بل على الحركة النقابية عموما.
يوجد الى حد الان قضيتين ضد القيادة الحالية، واحدة تهم ابطال قرار المجلس الوطني الداعي الى عقد مؤتمر استثنائي غير انتخابي والتي سينظر فيها القضاء مجددا يوم 20 أكتوبر الجاري اما القضية الثانية فموضوعها عقد المجلس الوطني في مدينة موبوءة، مغلقة امام الجميع وشملها الحضر الشامل حينها وقد انطلق قطار الجلسات يوم 6 أكتوبر الحالي. والقضية الثالثة تقدم بها مجموعة من النقابيات والنقابيين ضد انعقاد مؤتمر الاتحاد الجهوي ببن عروس يوم 23 اكتوبر خارج السياق القانوني للاتحاد وهي القضية الاستعجالية التي سينظر فيها القضاء اليوم 19 أكتوبر 2021 بالمحكمة الابتدائية بتونس.
بن عروس، النموذج السيء
كل متتبع للشأن النقابي ببن عروس يقف على عدد كبير من التجاوزات التي لا تجد من يردعها والتي يواجهها النقابيات والنقابيون في الجهة بصمودهم وإصرارهم رغم حملات التعسف الكبيرة.
ففي بن عروس يتم عزل عضو اتحاد جهوي على خلفية دفاعه على تفعيل الفصل 119 من مجلة الشغل بما يعود بالفائدة على عمال القطاع الخاص وكذلك بسبب موقفه الرافض للانقلاب على الفصل 20 من القانون الأساسي للاتحاد.
وفي الاتحاد الجهوي ببن عروس تتم إعادة مؤتمر النقابة الأساسية لمعمل الطيران بفوشانة الذي تفوقت فيه قائمة الإدارة على القائمة النقابية وقد دخل عمال المعمل المذكور في اضراب عن العمل ضد تورط الاتحاد الجهوي في التدليس وأمضوا عريضة تطالب بإعادة المؤتمر وهو ما حصل فعلا وفازت القائمة النقابية التي اسقطها التدليس!
وفي بن عروس دائما، يصدر المكتب التنفيذي الجهوي بيانه الشهير الذي يصف فيه الرافضين للانقلاب على الفصل 20 “بالمغرضين والمغرضات”.
وفي بن عروس، يقصي المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي أربعة من أعضائه في فترات متباعدة وذلك بالاستيلاء على مهامهم وسحب الملفات التي يتابعها هؤلاء لأسباب لا علاقة لها بمصالح العمال والنضال النقابي بل استعدادا للمؤتمر الجهوي.
وفي بن عروس، يوجد اكبر عدد من المجمدين والمجردين وممن سحب منهم الانخراط في الاتحاد على خلفية معارضتهم للانقلاب على الفصل 20، وهو سلوك تفوّق فيه مكتب بن عروس على كل الجهات الأخرى.
الدوس على القانون
قضية الحال التي سينظر فيها القضاء تتمثل في قرار عقد مؤتمر الاتحاد الجهوي يوم السبت 23 أكتوبر 2021 أي ثلاثة اشهر قبل موعد انعقاده العادي الذي يجب ان يكون وفق قوانين الاتحاد يوم 27 جانفي 2022. وهو قرار اتخذه الأعضاء الستة المحتكرين للقرار النقابي بالجهة بموافقة المركزية طبعا اذ هي صاحبة القرار النهائي.
ويعتبر انعقاد المؤتمر الجهوي في هذا التاريخ غير قانوني اذ لا وجود لفصل قانوني يبيح تقديم موعد المؤتمر بل ان الإمكانية الوحيدة لتقديم موعد المؤتمر هو تحويله من مؤتمر عادي إلى مؤتمر استثنائي. وبما إن المؤتمر الاستثنائي يتطلب قرارا يصدره المجلس الجهوي الذي لم ينعقد ولم يقرر شيئا فإن المؤتمر الذي سينعقد يوم 23 أكتوبر يعتبر غير قانوني وباطلا.
هذا الموقف القانوني الرافض لانعقاد المؤتمر الحالي وصل الى المكتب التنفيذي للاتحاد في مراسلة أمضاها ثلاثة أعضاء من المكتب الحالي قبل صدور بلاغ المؤتمر وفي مراسلة ثانية بعد صدور البلاغ بصفة رسمية الا ان المكتب التنفيذي خيّر الانحياز الى دوس الجهة على القانون.
وكرد فعل على هذا السلوك علمنا ان الأعضاء الأربعة الذين سحبت منهم صلاحياتهم رفضوا الترشح إلى المؤتمر المنعقد بصفة غير قانونية بهدف “عدم إضفاء الشرعية عليه” وفق تعبيرهم.
تآكل الصورة
تشعر المعارضة النقابية الديمقراطية بمرارة أمام التآكل المتواصل لصورة المنظمة جراء القرار الانقلابي وغيره من السلوكات المرفوضة. فالحاضنة الشعبية تراجعت خاصة بعقد المجلس الوطني في مدينة سوسة الموبوءة حينها كما ان الحاضنة الديمقراطية والجمعياتية في تراجع بسبب الانقلاب على الفصل 20 ونصل الى البيت الداخلي الذي بدأت جدرانه تتآكل بسبب السلوك البيروقراطي المقيت وأصبح النقابيات والنقابيون لا يجدون أي حرج في اللجوء الى القضاء بل ان عديد المناضلات والمناضلين المنتمين لاطراف نقابية اصبحوا يبررون اللجوء الى القضاء ويدافعون عنه وهم الذين كانوا بالأمس القريب من الرافضين له. فمن المنتظر في تقديرنا ان يصبح اللجوء الى القضاء من النقابيين ضد قيادات المنظمة وسلوكها امرا متداولا وعاديا ويوميا وهو ما سيرهق المنظمة ويساهم في تهرئتها باستمرار وهنا لا بد من التأكيد على ان الانقلابيين هم سبب هذه الورطة التي نعيد التأكيد على ان الاتحاد لن يخرج منها سالما.
مآلات القضية
بالنسبة للقضية الجارية فمن المرجح ان يحكم القضاء بإبطال عقد المؤتمر وتأخيره الى موعده العادي فكيف سيكون رد الاتحاد؟ ان تعنت وانجز هذا المؤتمر اللاقانوني سيدخل في مواجهة مع القضاء ستعقد وضعيته لان الجهة الشاكية ستلجأ للقضاء ثانية. واذا قبلت القيادة بقرار القضاء فستكون ادانت نفسها بنفسها. وإن حكم القضاء لفائدة انجاز مؤتمر غير قانوني فهذا سيزيد في الإساءة لصورة قضاء نريده ان يكون مستقلا وعادلا كما ان عديد النقابيين سيواصلون مسار التقاضي ضد قيادة جهوية سيعتبرونها “غير شرعية” وفق تعبيرهم.
في كل الحالات فإن خطأ المركزية شنيع.
تونس، 19 أكتوبر 2021
سليم غريس
عضو الجامعة العامة للتعليم الأساسي
شارك رأيك