أعْجبُ من كل من يسارع إلى نشر أي خبر سيّء عن تونس و يزيد من تضخيمه و حتى تحريفه حتى يحظى بمباركة الناس له انتقاما من النظام القائم. كما أعجبُ ممن يسيء إلى بلده بالاستقواء بأمريكا وأوروبا وغيرها من البلدان من أجل إسقاط النظام السياسي الحالي.
بقلم فوزي بن يونس بن حديد
ماذا يفعل هؤلاء وماذا يريدون من خلال ما يقومون به من أفعال تخرّ لها الجبال، أوَ لَم يكفِكم ما أخذتم، أو لم يكفكم ما فعلتم، ورغم أنكم تعترفون أنكم فشلتم في تقديم رؤية اقتصادية واجتماعية تفيد البلاد من الأساس إلا أنكم لا تسلّمون بالأمر الواقع الذي يفرض علينا أن نقول أنه آن الأوان أن تتغير تونس وتُغيّر لونها لأنها لم تعد تتحمّل رفسات السياسيين الذين أهلكوا الحرث والنسل طيلة عشر سنوات.
أقول لهؤلاء الذين يقولون إن ما حصل في تونس انقلاب: دعوا الناس يعملون من أجل تونس، دعوا الحكومة الجديدة تمارس مهامها وتؤدي واجبها، دعوا الشعب التونسي يتنفّس لا تخنقوه أكثر مما هو مختنِق، دعوا الدولة تقوم على قدميها بعد أن تركتموها تحبو سنوات، لا شيء يجعلكم تحنّون إلى ما قبل تاريخ 25 جويلية 2021، فإذا ثبت إخلاص الحكومة الجديدة بقيادة نجلاء بودن في عملها ستندمون على أفعالكم وأقوالكم، وإن ثبت تلاعبها فسيقصيها الشعب كما فعل مع من قبلَها.
تهدمون البلاد وترسمون لوحة من الغباء السياسي
انتبهوا إلى بلدنا تونس حتى لا يكون مثل لبنان، إنكم تميتونه ببطء، وتغرسون فيه أنيابكم معتبرين ذلك من الديمقراطية والحرية والحال أنكم تهدمونه وترسمون لوحة من الغباء السياسي الذي لم يعد مقبولا في تونس، إن الذي يريد ذلك إنما لا يريد لهذه البلاد أن تتغير وتتقدم ويتغير نهجها السياسي من برلماني إلى رئاسي، وقد سبق وأن قلتُ مرارا وتكرارا إن النظام البرلماني في تونس فاشل ولا ينجح على المدى الطويل لعدة أسباب أهمها عدم وجود أحزاب قوية متنافسة على الحكم مما يجعل أي حكومة تتشكل ضعيفة لا يمكن أن تستمر في عملها لتغير مزاجات الأحزاب المشاركة.
وثانيا أن الديمقراطية لا تنجح في بلادنا لأن البعض يستغلها في غير موقعها ويُحدث الهرج والمرج ويعطّل الإنتاج والعمل بدعوى الحرية.
انتبهوا إلى ما تقومون به من ردود فعل سيئة لأنها ربما ترتدّ عليكم بعواقب وخيمة، وقد ثبت تاريخيا أن الشعوب التي لا تقدر ما تقوم به الدولة من أجلهم سيخسرون كل شيء، فلم لا تكون هناك رؤية جديدة للدولة، فاصبروا وامنحوا الفرصة لغيركم كي يعمل من أجل الكل لا أن تقفوا في وجهه من أجل البعض.
والغريب أن هؤلاء الذين يتحدثون عن ترذيل البرلمان بعد غلق المبنى وتجميد أعضائه يقومون الآن هم بترذيل مؤسسة الرئاسة، فانظر إلى تعليقاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي وإلى كتاباتهم التي تحمل كل الكلمات البذيئة في حق رئيس الجمهورية ومؤسسة الرئاسة بصفة عامة.
يدعون الديمقراطية و يمارسون الديكتاتورية على الآخرين
يتحدثون عن الديمقراطية الموهومة ولم يمارسوها في حياتهم الخاصة لأنهم بعيدون عنها كل البعد، ولأنهم يعيشون وهمها فقد ظنوا أنهم فقدوها ويدافعون عنها بممارستهم الديكتاتورية على الآخرين الذين يعارضونهم في الرأي.
ويتحدثون عن الدستور وهم قد خرقوه مرات ومرات عندما لا يؤدي البرلمان التونسي واجبه على الوجه الأكمل وعندما نشاهد أفلام الأكشن في مدرجاته ومكاتبه.
ويتحدثون عن الوضع الاقتصادي المهترئ الذي تشهده تونس اليوم ويعتقدون أن الرئيس هو السبب، ونسوا أن 12 حكومة تشكلت قبل ذلك ولم تفلح أي منها في تغيير وجه البلاد إلى الأفضل وإلى الأحسن بل أهلكت الحرث والنسل ولم تبق ولم تذر.
ويتحدثون عن هيبة الدولة التي فُقدت ونسوا أن ما يحدث سببه 10 سنوات خلت أو مضت، تغير فيها جوهر الحياة في المؤسسات والإدارات، فلم تعد تعمل كما كانت بل كان التسيب هو المظهر، وشكل الإرهاب عنوانا مخيفا في البلاد، ولم يعد التونسي يشعر بالأمن والأمان حتى وهو في بيته، مما حدا بالدولة أن تنهار في أي وقت بعد ظهور 5000 داعشي من تونس يقاتلون في بلاد الشام خلال العشرية الماضية، فمن سمح لهؤلاء بأن يكونوا عنوان الإرهاب؟ وهم تونسيون كان يمكن أن يكونوا عناصر صالح تخدم البلاد في الداخل أو في الخارج.
آلآن وقد عبثتم بالدولة قبلُ، فاليوم اتركوا الدولة تعمل وامنحوها الفرصة كما منحتكُم عقدا من الزمان، فإن فشلتم أنتم فلا يعني أن كل الناس يفشلون.
شارك رأيك