تستقبل جزيرة جربة القمة الفرنكوفونية العام القادم (19-20 نوفمبر 2022) وهي القمة الأولى من هذا النوع التي تقام في الجمهورية التونسية، ومما جعلها استثنائية أنها ستقام في جزيرة الأحلام جربة، حيث الأشغال قائمة على قدم وساق من أجل استقبال الوفود المشاركة من كل العالم، ويتوقع أن يشارك في هذا الملتقى العالمي الكبير أكثر من 88 بلدا مما يمنح المكان زخما غير عادي، فتنشط السياحة ويتغير وجه الجزيرة مؤقتا بعد أن غمرها الشحوب ولبسها الكساد وضاقت عليها الأرض بما رحبت منذ النكسة الصحية التي ألمّت بالبلاد التونسية وتأثرت بها جربة كغيرها من المناطق.
بقلم فوزي بن يونس بن حديد
لكن وفي ظل هذا الزهوّ الذي تشعر به جزيرة الأحلام هذه الأيام وخلال الشهور القادمة، وما تستعد له لإقامة هذه القمة الفرنكوفونية، وما يمكن أن يعود عليها بالنفع مؤقتا، فإن هذا الأمر لن يدوم طويلا حسب ما يبدو إلا إذا صدرت قرارات جديدة في حقها، فهي الجزيرة التي عانت وما زالت تعاني من التهميش المتعمد من الحكومات السابقة رغم النداءات المتكررة والأصوات التي بُحّت من أجل إيصالها إلى أكبر المسؤولين في الدولة، ورغم الملف المتكامل الذي قُدّم لرئاسة الحكومة السابقة في القصبة إلا أن السيد هشام المشيشي رئيس الحكومة آنذاك استقبل الملف بجفاء ولم يقابل الوفد الجربي بكل استهزاء بل بيّت النية أن لا ينظر فيه بصفاء، رغم ما تحلى به الجربيون آنذاك من نقاء، وما تميزت به الجهة من رجال أكفاء، عاهدوا أنفسهم على الوفاء.
تبحث جربة عمن يسمعها و يحل مشاكلها
جربة التي ستستقبل الوفود العالمية المشاركة العام القادم تعاني وتستغيث، وتطرح مشاكلها على طاولة الرئيس السيد قيس سعيّد، فهي قطعة مهمة من تونس الأبية، تقع في الجهة الشرقية، يحيط بها البحر من كل جهة، يتميز أهلها بالطيبة والكرم والهدوء والنقاء والصفاء، صابرون على ما أتاهم الله، ويتعايشون مع الواقع، ولا يطالبون بالمستحيل، ينشدون التغيير، بلا عنف ولا تهريج، تبحث جربة عمن يسمعها، وينصت إليها، لحل مشاكلها، تعاني إداريا وبيئيا واقتصاديا واجتماعيا وشبابيا، يزداد سكانها يوما بعد يوم، وينبغ شبابها في مجالات الحياة باحثين عن حياة سعيدة وعمل يكفيهم السؤال وتعريض حياتهم للخطر.
جربة التي ستكون المكان الذي يشعّ عالميًّا العام المقبل، همّشها والي مدنين السيد الحبيب شواط الذي تمت إقالته أخيرا بموجب أمر رئاسي، فأتبعته استقالة معتمد مدينة آجيم ومدينة ميدون بالنيابة لتبقى الجزيرة تشكو من قلة المسؤولين المعتمدين، وتشكو من عدم سماع صوتها الذي نادى الحكومة والرئاسة مرات ومرات للنظر في ملفها باستعجال، إذ كيف بمواطن تونسي في القرن الحادي والعشرين يعاني الأمرّين ويقطع المسافات الطويلة من أجل استخراج ورقة بسيطة، وكيف بمدينة كبيرة مثل جربة ليس فيها مقرات حكومية أساسية ولا تكون ولاية كغيرها من الولايات، وكيف بالمسؤولين لا يعيرونها اهتماما وهي التي تجلب إليها كل سنة الملايين من السياح والزائرين.
الملف على طاولة رئيسة الحكومة الجديدة
ملف جربة ولاية على طاولة الرئيس السيد قيس سعيّد، وعلى طاولة رئيسة الحكومة السيدة نجلاء بودن، بعد أن سلم رئيس التنسيقية السيد محمد نبيل جميل نسخة من الطلب لوزيرة التجهيز والإسكان السيدة سارة الزعفراني الزنزري حتى تنظر فيه الحكومة الجديدة بجدية، وتنظر إليه بعين خاصة، وبعد دراسته جيدا على المستويات كلها والنظر في زواياه جميعها يمكن بعدها أن يقرر الرئيس إن كان سيمنح جربة وسام العزة والكرامة، الذي طال أمده ويكتبه التاريخ من حروف من ذهب، أم أنه سيبقيها تعاني كثيرا رغم ما كابدته من آلام في السابق.
ملف جربة لن يموت، سيبقى مشعًّا مع كل حكومة جديدة ومع كل رئيس جديد، وستحمله الأجيال تلو الأجيال، فكلما توالت الأيام تزداد المطالبة وتصدح الحناجر من أجل أن يتحقق يومًا، ورغم كل العقبات والمصاعب التي تمر بها البلاد الآن إلا أننا ما زلنا على أمل أن ينظر السيد قيس سعيد في ملفّنا وأن تسعى رئيسة الحكومة الجديدة إلى تحقيق حلمنا، فالقرار مرتبط بالمؤسسة العليا لتجعل من الولايات خمسًا وعشرين، وتتشرف جزيرة جربة بأن تكون الرقم 25 في عدد ولايات الجمهورية التونسية.
شارك رأيك