هل انتظر المجلس الأعلى للقضاء طويلا قبل أن ينفجر، ربما في استغاثة يائسة أو صيحة مدوية أو حتى لحفظ ماء الوجه؟ ألم يكف قيس سعيد، كلما جاء على ذكر القضاء (ويحصل ذلك يوميا)، عن استهداف المجلس الأعلى للقضاء والتشكيك في تمثيليته و اتهامه بالخضوع لضغوطات سياسية وذلك بهدف تبرير ما أعلن عنه في اجتماع مجلس الوزراء بتاريخ 28 أكتوبر الفارط من تكليف لوزيرة العدل بإعداد مشروع يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء؟
بقلم القاضي أحمد الرحموني
وقد لوحظ أن المجلس قد التزم منذ 25 جويلية الفارط التحفظ الشديد إزاء المواقف والقرارات وحتى التجاوزات الماسة بموقع القضاء واعتباره وتجنب الخوض في مشروعية التدابير الاستثنائية وتحاشى قدر ما استطاع المواجهة المفتوحة مع رئيس الجمهورية.
ورغم كل ذلك فمن الواضح أن إصرار قيس سعيد على إعادة هيكلة المجلس طبق رؤيته وتحت أنظاره وبمقتضى الوسائل الاستثنائية التي أقرها قد دفع المجلس إلى خرق تحفظه في بيان حاد ومباشر بتاريخ 4 نوفمبر الجاري خصصه بالكامل للرد على رئيس الجمهورية دون أن يذكره بالإسم أو بالصفة.
والملفت في هذا البيان ان المجلس المنعقد بجلسته العامة الطارئة، التي تضم المجالس القضائية الثلاثة (العدلي والإداري و المالي)، لم يبحث، ربما كعادته، عن أنصاف الحلول او يحتاط “لشعرة معاوية” أو يجامل كما اتجهت إلى ذلك بعض الهياكل التمثيلية للقضاة التي عرضت مشاركتها في إعداد المشروع المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء!.
“النقاط الست” على الحروف
كما يظهر ان الجلسة العامة (بتمثيليتها القصوى للسلطة القضائية) قد وضعت فعلا “النقاط الست” على الحروف في بيان مختصر وجامع :
1-لا للمساس بمقتضى المراسيم (أي قوانين قيس سعيد) بالبناء الدستوري للسلطة القضائية.
2-لا للمساس بالضمانات المكفولة للقضاة وظيفيا وهيكليا.
3-لا للمساس بوجود المجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة دستورية.
4-لا لإصلاح المجلس (و بالضرورة لا لإصلاح القضاء) في إطار التدابير الاستثنائية وخارج المبادئ والضوابط التي أقرها الدستور.
5-لا للضغط على القضاء (بما يشمل كافة القضاة) وأساسا من السلطة الوحيدة في الدولة.!
6-لا للمساءلة (والمقصود التطهير في عرف قيس سعيد) خارج الأطر والضمانات القانونية أي ما يتضمن بالضرورة لا للإعفاء و لا للتطهير بالقوائم خارج ضمانات المساءلة العادلة والسلطة التأديبية للمجالس القضائية.
وفضلا عن ذلك، أكد المجلس ضرورة تعهيد القضاء بملفات القضايا المتعلقة بالفساد و الإرهاب.
فهل نشهد بعد هذه “اللاءات الست” معركة غير مسبوقة يخوضها المجلس الأعلى للقضاء دفاعا عن وجوده؟!وهل لنا أن نتوقع التداعيات القادمة في معركة استقلال القضاء الجديدة؟!
شارك رأيك