الصحفي و المدون يرى في هذا المقال أن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في مقاله المطول الأخير المنشور في صحيفة “الرأي العام” لا يبدو مستعدا لمغادرة المشهد بل هو ما زال يناور و يعد العدة من أجل العودة و فرض هيمنة حزبه من جديد على الساحة السياسية في تونس بعد أن تكون قد تخلصت من “شعبوية” قيس سعيد.
بقلم عامر بوعزة *
ذهبت أغلب وسائل الإعلام في تناولها مقال الغنوشي أو شهادته إلى مسألة الاعتراف بالأخطاء، وهي مسألة بلا أهمية، لأن أخطاء النهضة والطبقة السياسية التي حكمت البلاد منذ الثورة يعرفها القاصي والداني وإن أنكرها مرتكبوها…
أهم ما في رسالة الغنوشي هو أنه يعدّ العدة لمرحلة ما بعد قيس سعيّد، فالرئيس من وجهة نظره مشكلته ليست مع النهضة، بل مع إكراهات الواقع وصعوبات إدارة الحكم، وهي الصخور التي ستنكسر عليها شعاراته وأحلامه…
الغنوشي يبدو واثقا من ذلك ويقول “لندعه يحكم”.., الغنوشي الذي يقرأ التاريخ من منظار خاص يعتبر حزبه مرادفا للثورة، وفي أحسن الأحوال يضمّ معه أحزاب 18-أكتوبر (على سبيل الفضل)،
في المقابل يعتبر الحزب الحر الدستوري حزبا فاشيا وحزب الشعب حزبا استئصاليا، ويتحسر على عدم التوافق مبكرا مع (الدساترة المعتدلين) لقطع الطريق أمام الفاشية الصاعدة، كما يستدل بموقف قيس سعيد الرافض للمساواة في الميراث ليؤكد أنه من الناحية الإيديولوجية “متاعنا” (أي غير بعيد عن الإسلاميين) و لكن يحيط به استئصاليون يوجهونه ويتحكمون في قراراته!
الغنوشي خائف من حكم العسكر في هذه المرحلة التي لن تدوم طويلا، ويدعو أبناء النهضة إلى تنظيم صفوفهم والاستعداد للعودة ومواجهة فاشية عبير موسي بعد أن يصبح قيس سعيد جزءا من التاريخ.
إنه يعتبر خسارة حزبه يوم 25 جويلية نهاية جولة فقط من معركة مستمرة…
وهكذا ليس ثمة ما يشير إلى أننا سنغادر هذه الشرنقة. لقد قضي علينا بأن نعيش داخل دائرة مغلقة محورها الإسلام السياسي، على الأقل منذ 1981 إلى اليوم وجعلت مسألة “الإخوانجية والحكم” حياتنا تمضي سبهللا…
ما لم يحاكم الغنوشي ويدفع دفعا إلى الخروج من الحياة السياسية فإنه سيظل عصا غليظة في دبر هذه الدولة إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
* كاتب تونسي.
شارك رأيك