25 جويلية 2021 لم يكن مجرد تاريخ، كان لحظة ثورية استعادها التونسيون عندما تيقنوا أن حصاد العشرية الماضية كان أكثر من “عجرودة” و أنه لا يمكن أن يستمر زمن الهدر و الضياع أكثر من عشر سنوات… و الآن وبعد شهور من تلك اللحظة و من ذاك التاريخ نعود و نسترجع و نراجع ما الذي تغير بعدها في واقع التونسيين و ما المكتسبات التي يمكن البناء عليها و دعمها.
بقلم توفيق زعفوري *
الحقيقة أننا لم نخرج من فضاء العشرية السابقة بل العكس بعد مضي أربعة شهور صار الأمر مخيفا أكثر، خاصة إزاء المستقبل… فنحن لا نعرف أين تسير الأمور و لا بأي طريقة و طبق أي برنامج، لا ورقة سياسية و لا منهاج، لا نعرف أي برنامج و لا توجد رؤية واضحة عن أي مخطط… لا الرئيس و لا الحكومة قدمت رؤية، ليس للنقاش فيها و التحاور، فهذا ليس ممكنا و لا توجد ثقافة حوار مع أي كان، و لكن رؤية تمكننا من معرفة أين نحن ذاهبون…
ماذا أعدت الحكومة لإصلاح أوضاع التونسيين ؟
ماهي خطط الحكومة في التحكم في الأسعار مثلا أو مراقبة مسالك التوزيع ؟ ما هي خطتها إزاء القانون عدد 38؟ ما هو برنامجها مع صندوق النقد الدولي أم علينا فقط دفع ضريبة التداين و نصمت؟ ما هي خطة الحكومة في رفع النفايات المتراكمة منذ شهور؟ ما هي خطتها و برامجها إزاء الموسم الديني و الموسم السياحي و الموسم الفلاحي و المفاوضات الاجتماعية و الاعتصامات و الشتاء الساخن القادم؟ ماذا أعدت الحكومة، حكومة الرئيس لكل هذا؟ لماذا لا شيء واضح، حتى و إن اختارت الحكومة العمل في صمت و من وراء الأسوار فمن حق التونسيين ان يعرفوا أين تسير بهم حكومتهم و ما هي ملامح المستقبل هذا إن كان هناك مستقبل أصلا؟
الاحتجاجات و الاعتصامات التي تظهر في كل حين و في كل جهة ليست مفبركة و لا هي نكاية في أحد بل هي مطالب مشروعة متراكمة تبنّتها الحكومة و وافقت عليها و صدرت في الرائد الرسمي طبقا لمبدأ استمرارية الدولة و لا مجال لإنكارها حتى و إن كانت شعبوية.
هذه الأزمة الاجتماعية هي تعبير عن عدم الثقة في السياسات المتبعة خاصة مع طول الانتظار و البطء الشديد في الإنجاز حتى لا نقول قلة الخبرة و العجز عن الإنجاز و غياب الرؤية…
هي أزمة تنهش منسوب الثقة في القصر و في القصبة على حد السواء و توحي بأن لا شيء سيتحقق طالما أن أولي الأمر اختاروا المكوث وراء المكاتب لا صوت و لا صورة…
بعد فوات الشهور التونسيون لا يرون أوضاعهم تغيرت
ازداد الوضع قتامة بعد حالات التناقض و التخبط ففي كل مرة يقع إثارة قضية الأموال المنهوبة في الخارج و لم تقع استعادة أي مليم عدى 27 مليون دولار استرجعت من رصيد ليلى بن علي في لبنان بفضل جهود الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، بعدها لم يدخل مليم أحمر خزينة الدولة على حد علمي.
و مرة نسمع من محافظ البنك المركزي أن المفاوضات مع الأشقاء من أجل الحصول على مساعدة مالية في الخليج في مراحل متقدمة، ثم يخرج علينا المسؤولون ببرنامج التقشف و الاكتتاب في خزينة الدولة!
أرجو أن يقف الأمر عند هذا الحد و لا تضطر الحكومة إلى اقتطاع 1٪ إضافية من الأجور لسد العجز في الموازنة أو لدفع الرواتب فلا يمكن أن تستغرب أي شيء، ففي نهاية الشهر الحكومة مطالبة بدفع أكثر من 5 مليار دينار فوائد عن قروض سابقة!
أنا و الرئيس سيان لا نفهم شيئا في الإقتصاد و الأرقام و الإحصائيات و لكن ما يهم الدائن هو أن تسدد له ما عليك، و ما يهم الموظف هو أن تدفع له آخر كل شهر مرتبه، و العامل أجره… و هذه مسؤولية حكومة الرئيس، و التونسيون بعد فوات الشهور لا يرون أن أوضاعهم تغيّرت إلى الأحسن و لا هم متفائلون بالمستقبل…
نحن في بحر هائج ننتظر متى يحرك الربان دفة السفينة في الإتجاه الصحيح، حتى نتأكد أننا لم نفرط في تلك اللحظة، لحظة 25 جويلية… سنتفاءل خيرا، حتى و إن لم نجده اليوم…
* محلل سياسي.
شارك رأيك