في النص التالي المكتوب باللهجة الدارجة التونسية الكاتبة تسخر بمرارة من مظاهر التخلف الفكري و الفوضى الاجتماعية وانخراط الساسة و المسؤولين في مسايرة فجة للجهل المتفشي في المجتمع التونسي و المتسلح أحيانا بالدين في أتفه أشكاله من صلاة استسقاء و آذان بالأبواق التي تصم الآذان و تدمر الأعصاب في كل أوقات النهار…
بقلم سهام بن عبيد *
يعطيها الصحة الدولة التونسية وقت حبا في الانسان و المواطن تقيمو نهارة أحد الثمنية متاع الصباح بالأبواق العملاقة تفلق في راسو… قال شنوة صلاة استسقاء !
محلاه وقت في 2021 الدول تحارب تغيرات المناخ و الجفاف بالضوضاء و الضجيج إلي تفرضهم على الناس، نهار راحتهم، كبار و صغار !
محلاها سلطتنا و حكومتنا و رئاستنا و خاصة وزارة ديننا !
دكتور ! فاش … يطلب من ربي بش المطر تصب!
أنا نحشم على روحي كان نعملها ! و لا حتى كيف يجبروني عليها !
احشموا على رواحكم من التخلف و الجهل.
يزيوا بلاكم على الشعب التاعب مدقدق من غير شيء.
شعب مريض، جيعان، عريان فقير، محطم… زيدو عليه أبواق و حس و ديسيبال !
يمشي يعمل انتحار جماعي.
يمشي يهج منها، يخليها خراب للجهلة.
لا كان صبت مطر… و هي قاعدة تصب في الجهة متاعي… من غير صلاة! أحنا الزواولة آش بش يجينا منها؟
أسوام القمح و الشعير و الماكلة بش ترخص ؟
و الله كي تصير فيضانات.
يا ناس، فمة حاجة إسمها علم. فمة حاجة إسمها علم.
فمة حاجة إسمها منطق.
فمة حاجة إسمها احترام الإنسان و احترام المواطن.
فمة حاجة إسمها حق العيش في بلادك.
مكمش وحدكم في جهلكم و في فوضاكم.
يا ناس البطال بايت مهموم، لا تنفعو صلاتكم و لا أبواقكم !
و الي يخدم، بايت تاعب يحب يرقد و يرتاح!
يا ناس فيقو من التفاهات و الخزعبلات.
راهو برشة هكة.
يا ناس راكم بش تمرضوا. راهي صغاركم مرضت و بش تزيد تمرض.
راهي آذانا الكل تهلكت من المضخمات الصوتية و أغلبنا عندو فقدان سمعي، كلي أو جزئي.
راهي أعصابنا تهلكت. راهي أمراض الأعصاب زادت و بش تزيد. راهي أمراض التوحد و الاضطرابات العصبية قاعدة تاكل فينا.
رانا ولينا عايشين ناقصين نوم و راحة، و زيد الأرق و فقدان النوم من وراء الحس و التلوثات من هذه المنبهات.
و ولى الصغير ما عادش ينجم يركز و يقرى و الكبير كيف كيف. حياتنا، قرايتنا، أعمالنا… كلها قاعدة تضيع…
راهو أمراض القلب زادت، شطر تونس بيها، حتى الصغار في العمر. و الحس العالي و الصادم يعمل مرض القلب.
راهي الصحة الانجابية تتأثر و يولي عند الإنسان عقم من الحس و الصوت العالي.
يا سلط !
تسكت جامع، الجامع الآخر حاطط حس. في كل الأحوال، ماكش هارب مالحس.
الواحد عايش على أعصابو، قريب يعمل جلطة في كل وقت إذا نا عملتهاش فعلا حقا.
أنا إنسانة مواطنة، نحارب في ماكينة مصددة، عقول تغلفت بالتفاهة و الجهل و المقدس و لم تعد تتساءل و لا تحتج و لا ترى عوجا في أي شيء…
أنا إنسانة أصبحت صحتي ضعيفة و متعبة…
إنني أتهمكم كسلط بالتهاون و التلاعب بصحتنا جميعا.
إنني أتهمكم بالميل تجاه الجهل و الروحانيات و الشعبوية على حساب العلم و العقل و المنطق و على حساب كل ما هو سليم و صح.
إنني أتهمكم باستعمال هذه النعرات و تغذيتها و أدامتها لاستعمالها في حالات الحاجة و لمواصلة الاعتماد على غياب العقل و المطالبة و المساءلة من المواطن و من الشعب.
إنني أتهمكم بالجبن و التخلي عن أدواركم في حماية الإنسان من مخاطر الصوت و الضجيج.
إنني أتهمكم بالاصطفاف مع الجهل الضار في مواجهة العقل المستنير.
يعطيها الصحة الدولة التونسية إلي وقت المواطن يقوللها جيعان و مريض و ما عنديش خدمة و ما عنديش حياة و معارفي قاعدة تضيع و علمي و عمري ووو… تقلو هاو الدين هاو القران شيخ…
وقت تشكي و تنبه و تحتج على الأصوات العالية الي خارجة مالجوامع تقوم زايدتك نهار الأحد بونيس.
خاطرك مرتاح عالآخر.
خاطرك في أحسن حال.
خاطرنا فاضت علينا الحقوق و الحريات و أنواع الرفاهيات و الراحة و الصحة.
حتى ربي ماهوش فاهمكم و فاهم جهلكم.
ياخي الصلاة و الدعاء ما يجي كان بالأبواق و الأصوات العالية الي تدمر حياتنا ؟
ياخي كيفاش كانو عاملين قبل الأبواق و المضخمات ؟
ياخي ما كانوش يدعو و يصلو ؟
ياخي شنوة علاقة المطر و المناخ… بالصلاة.. بالأصوات العالية ؟
ياخي فيقوا… أخرجوا من ظلمات الجهل.
البلدان تدرس و تخدم و مجندة علماء و مهندسين أمخاخهم محلولة متفتحة.
و بنات مراكز بحث و مراكز قرار و دراسات و استعداد لكل الظواهر و المتغيرات…
البلدان تبني الباراجات و الخزانات و تعالج الماء و تصفي و تراقب و تحلل.
البلدان تتكلم علم و تقنيات و بحوث و تصورات و حلول.
البلدان تعمل في خطط في التصرف في الماء و تحافظ على الماء و تعمل في علاقات و دبلوماسيات حول الماء، إلخ.
البلدان علماءها منكبة تبحث و تبتكر. و فلاحتها يصلحو و يرجعو في الطبيعة و في التوازن… يزرعو و يشجرو… يوقفو في التلوث ماء و بحر و هواء.
يحاربو في الاحتباس الحراري.
يراجعو في أنفسهم و سياساتهم في الطاقة و في الاستهلاك و في العادات اليومية و غيرها.
يسكرو في الصناعات الملوثة، يبدلو، يغيرو، الاستخراج الطاقي يغيرو يطورو…
العلم… العقل… و لا شيء غير ذلك.
أحنا دولتنا بكوادرها و وزاراتها و مسهوليها… تدعي و تصلي … و تزيد تضر في صحتي و صحتكم الكل.
أحنا، لأنهم بلا أفكار و لا حلول علمية، و لا تكوين يرتكز على العلم و لا توجه نحوه… ما عندهم من تصور و حلول إزاء قضايا المناخ و الجفاف و الماء… إلا التفاهة و الروحانيات و الحلول الماورائية الخارجة عن نطاقنا… و زيد يضيفو أنو إذا ما جاتش المطر، راهو غاضب علينا….
يزيدو حتى في الحلول الهزلية و الشعبوية و غير العلمية، يزيدو يقرنوهالك بفكرة “الاخلاقوية” و معهم و مع مجتمع متجمد متحنط لا يتجدد و لا ينصلح حقيقة بالمعنى التطور و العلم…
يعني، علة فوق علة، خور فوق خور…
لا يكفي اللجوء إلى الإيهام بالحلول و المعالجات، و اللجوء إلى الجوانب المبهمة و الميتافيزيقية، و الابتعاد عن العقل و بذل الجهد في الدراسة و إيجاد حلول حقيقية… و التنصل بهذا من المسؤوليات، و هي كبرى…
و زيد، تكون انت المواطن، ضحية أولى، راحتك، صحتك، حياتك قاعدة تتدمر شيئا فشيئا…
ثم، نضيف إلى هذا كله، أفكارا و نزعات و اتهامات و نربط الحقائق و الظواهر العلمية كالمطر و المناخ، كما فعل مع الوباء كوفيد، بتلك المقولات حول الأخلاق و الممارسات و مصطلحات المعصيات و الذنوب إلخ… لمزيد إحكام القبضة على العقول الضعيفة أصلا.
على فكرة، المطر آش حضرتولها ؟
في العاصمة و المدن، آش فمة ؟
مترو يتوقف مع مطرة 1مم، سكك تغرق، حافلات تتوقف و تغرق، تاكسيات ما عادش تدور لأنها تغرق و تتضرر، مواطنين تتكدس فوق بعضها، في الشوارع و المحطات و المساحات، تجري كلها خايفة لا تغرق و لا تلقى باش تروح، ناس تتعفس، ناس تضربها مشي عالساقين كلمترات، ناس تتبل، ناس تمرض… و حفر ! بالطبيعة، حفر و بالوعات و ناسورات، الي تتسكر و ما تعديش الماء و الي تكون محلولة و تولي عبارة شفاطة تنجم تجبد إنسان بكلو، و الي مكسرة غطاها و تهدد، و الي يحلوها بش الماء يتعدى و تقعد هكك خطر عالناس و الحيوان، و الي تولي نافورة، تسيب من عندها ماء و سواد و قمم، و الي والي والي…
و الضوء، يا يتقص، يا يقصوه، يا يولي يضرب، الضوء في الشوارع. أما في الديار، يا يقص يا يقص و يرجع، هو و كيفو…
و الماء الي نشريو فيه هو بطبيعتو شبه ماء، كيف تزيد عليه قنوات الصرف تتحل و تتسيب… الله أعلم، حتى حد ما عمل التجربة و ثبت !
تي ماهي تونس الكل تلقى روحها بحيرات و أودية و بحار… حوم تغرق… شوارع تتسكر… ساحات كانلة تتعبى ماء… تي ما هي على ما فمة شيء، تولي فيضانات… و طرقات مسكرة و ناس عالقة، و فمة الي تهزو المياه و الوديان الفايضة…
معناها، العقل و المنطق، يقول أنو تقيمنا الناس في قلب تونس مثلا، صبحية أحد، أربعة أبواق اقله، محطوطة عالإخر، إذا مش أكثر، و أعلى درجات ممكنة… بش المطر تصب، بش بلاد تتسكر مثلا!!
تي ماي بعض الجهات هنا و هنا، مازال فيها طرف فلاحة!
و إلا من باب التضامن ؟!
و هاك الفلاحة و الفلاحة، عاد ماكانش خير لو كان اهتمينا بيهم، بالمطر و الا بلاش ؟!
الي عندو قرض و مغصور، و الي مش لاقي ماء، و الي الماء غالي، والي صابتو مرضت، والي البذور لقاها مريضة و فاسدة و تكوكب، والي حيوانو جاع و الا مرض، و ما لقاش بيها، و الي محصولو ما لقاش كيفاش يبيعو و الي يحبو يشرو منو بالخسارة و ما يربح شيء؟!
مش كان، حلينا مشاكل الفلاحة بالحق، خير من ندعو و نصلو عالمطر ؟؟!!!
ياخي حليتو الطرقات، بنيتو خزانات، سيلوات، طاحونات جديدة، ماكينات، شريتو، صلحتو، بدلتو ؟! شريتو كوامن، فاقونات، سكك حديد، عملتو قناطر، حميتو مالوديان و الفيضانات ؟ جبتو غبار، أسمدة، كثرتو البذور، كونتو الناس و الفلاحة؟ داويتو، عالجتو النبات، خليتو المخابر و خليتو الناس و العلماء تخدم ؟!
آش حضرتلها المطر، عند الفلاحة ؟!
بش عاونتهم؟ ياخي ريتهم حاجتهم بالمطر ؟! و الا كان بالمطر ؟!
و الا خاطر الدعاء و الصلاة ساهلة ما فيها شيء ما تتطلب شيء… أما الحلول و الخدمة و الإصلاح و المصارحة و التغيير و المخاسبة و الحقيقة… تتطلب و لازمها خدمة و عمل و علم ؟!
فننشيو للحل الساهل و أخطى راسي و اضرب !
ياخي، كيف صبت الأمطار و جات الصابات أحنا وصللنا حاجة ؟!
كلينا حاجة ؟! لقينا قمح و شعير و شبعنا و هزينا صختنا ؟!
ياخي وقت جات صابة، تهز المحصول و تلم و تحفظ و توزع عالناس و كلينا ؟!
ياخي جاء المحصول، و كيف تحرق كلو… عرفنا الفاعل و حاسبنا و عوضنا الفلاح، و وكلنا الناس ؟!
و المطر في الأرياف و في الجبولات و في الغابات، آش حضرتولها ؟!
صلحتو كياسات، قويتوها ؟! جرفتو وديان و قنالات و زبل و فضلات ؟! دخلتو ضوء و إنارة و ماء و غاز ؟ حضرتو سبيطارات و دوايات ؟ و حضرتو معدات، جرافات، سيارات، نقل و حماية و إسعاف ؟ خدمتو طبة زدتو، و فرامل و ناس ؟! عديتو خيوط تلفون و انترنات؟ فمة حافلات، صلحتو مدارس و معاهد و بنايات ؟!
علاش المطر تحبوها ؟!
و علاش لازمنا نفيقو من نومنا و لازمنا مخاخنا تتضرر… و احنا أصلا جواعة و مرضى و مهدودين… علاش زيد غمضة النوم ما نخلطوش عليها؟!
تي تصب مطر و الا جفاف… مادام العقول مصددة مخززة، ما دام الجهل ضارب أطنابو، مادامت كلمة الحق ما تتقالش و ما تلقاش الي يسمعها… لا جفاف يفيد و لا مطر تنفعنا !
كم سنعاني أكثر !!
كم سنبقى في منطقة الجهل و اللاعقل !
ماذا سنحارب بعد و من في الدولة و من يحكم، هم ذاتهم، قادة الجهل و الخرافات و التشبث بالأفكار العقيمة و إدامة التخلف و ملما لا يخدم في شيء هاذا البلد.
متى سنتحرر ؟ متى يتحرر العقل لدينا ؟
متى نقدم المصلحة و مصلحة الإنسان على التفاهات و الأخطاء الجسيمة المرتكبة باسم الدين و العبادة ؟
متى سننفض غبار التخاريف و ننتقل إلى مراحل تنوير و علم و إيمان بالعلم، و عمل جاد فعلي، لإنقاذ بلادنا ؟
متى نطلب الاستعقال بداية و الاستعلام من العلم؟
يكون أفضل لينا كثيرا لو نربح علما و عقلا و تنويرا و لو بعض جفاف على ان تمطر يوما أو حتى سنة و نحن باقون على جهلنا و خرافاتنا و تفاهاتنا و أخطاءناا
فبالعلم و العقل نربح و ليس بالمطر الذي لم نع له شيئا…
* دكتورة في البيولوجيا الجزيئية.
شارك رأيك