بدا اليوم واضحا لكل المتابعين ان موقف رئيس الجمهورية قيس سعيد من القضاء قد بدأ يأخذ منعرجا خطيرا لم يعد يقتصر فقط على الضغط والتهديد والازدراء والهرسلة أو المطالبة بالتطهير بل انتهى الأمر إلى التشكيك في مشروعية القضاء وموقعه وحتى في اعتباره سلطة من سلطات الدولة الثلاث.
القاضي أحمد الرحموني
لا شك أن قيس سعيد لايستمع الا لنفسه، بل الأمر يتجاوز ذلك عندما يمضي في تنفيذ رؤيته رغما عن إرادة الجميع وفي إصرار لا مثيل له! ومن الواضح ان له معاييره الخاصة التي يفهم بها الأشياء ويقيس بها الأوضاع ويحدد بها الأهداف ويتعامل بها مع المؤسسات وعموم الناس.
بكامل الصدق لا أراه يقف على أرضية مشتركة مع أي كان في مسائل عديدة وهو ما يبعث على الحيرة بشأن هؤلاء الذين يحيطون به أو يسندونه أو يلعبون أدوارا في حكومته: هل يخلصون له الولاء أو يصدقونه النصيحة أو هم يخشون نفوذه وسطوته؟!
لا يخفى على أي متابع ان موقف قيس سعيد من القضاء قد بدأ يأخذ منعرجا خطيرا لم يعد يقتصر فقط على الضغط والتهديد والازدراء والهرسلة أو المطالبة بالتطهير بل انتهى الأمر إلى التشكيك في مشروعية القضاء وموقعه وحتى في اعتباره سلطة من سلطات الدولة الثلاث.
وربما لا يمكن ان نتصور في تاريخ القضاء التونسي على امتداد مراحله أن يوجد مثيل لذلك اللقاء الذي انعقد بقصر قرطاج أمس الاثنين 6 ديسمبر 2021 بين قيس سعيد ورئيس المجلس الأعلى للقضاء ورؤساء المجالس القضائية الثلاثة. كما لا يمكن (ولو في الخيال) أن يصدر على لسان رئيس الجمهورية (المؤتمن على احترام الدستور) خطاب مباشر يتضمن- فضلا عن هجوم شديد على القضاء – تعليمات واضحة بتتبع جرائم انتخابية و الضغط لإصدار أحكام في قضايا جارية و البت في نزاعات مدنية وجزائية طبق توجهات واستنتاجات مسبقة. فماذا يتبقى لتلك السلطة أو لسلطان القانون، وإن لم يكن ذلك تدخلا في سير القضاء فماذا نسميه؟! وهل أدرك رئيس الدولة انه بذلك لا يدعم استقلال القضاء (كما يقول) بل يلغي أي وجود له ويشيع الرهبة بين القضاة ويزرع الخوف في قلوب الناس.!؟
شارك رأيك