بالنسبة لعامة التونسيين، ليس مهما أن يكون عيد الثورة في 17 ديسمبر أو 14 جانفي، أو حتى 32 جويلية، بقدر ما هو مهم أن يكون بلده محترما بين البلدان و أن يعيش فيه بكرامة و أن يحظى فيه بالأمن و الأمان له و لأبنائه…
بقلم توفيق زعفوري *
نحن في تونس أهلكنا التقسيم و التجييش و التفرقة، ذهبنا و ذهبت ريحنا بين الأحزاب و الأشخاص، فلم نتبع الأفكار و البرامج و الخطط، بل اتبعنا بجهالة و غريزة أشخاصا رفعناهم إلى مرتبة الألوهية و الطواغيت، و من عاداهم فكأنما عادى البلاد جميعا.
حان الوقت للقطع مع ثقافة الواحد الأحد ذي الحل والربط و ما دونه العدم
لقد بقينا على تلك الحال إلى اليوم و سيستمر الأمر هكذا حتى نستفيق و ندرك معنى المواطنة… هل علينا أن ننتظر 17 ديسمبر!؟ لا مفر فهو آت لا محالة، و لكن بأي حال سيأتي يأمر فيه تجديد أن باجترار المعاني إياها و التجييش و التفرقة و التخوين؟ فالبلد لا يمكن أن تعيش فيها بمبدأ “إما أنا أو أنت”، بل بمبدأ “أنا و أنت”، مبدأ ما زال الرئيس قيس سعيد لا يتعتاطى معه، مبدأ التحاور و البناء التشاركي الذي يقطع مع الواحد الأحد، ذي الحل والربط و ما دونه العدم!
آخر شطحات رئيس الدولة، ندوة صحفية بدون صحفيين! هي سابقة غريبة و خطيرة…
أضاع علينا فرصة مزيد اكتشاف الملفات التي يتحدث فيها دائما تلميحا لا تصريحا، ثم إن انتظار 17 ديسمبر، يفتح الباب على العديد من التأويلات و حتى التخوفات فالرئيس لا يكشف عن أوراق و لا أحد يعرف برنامجه إذا كان لديه برامج و لا نعرف ما يزمع القيام به و ليس في مقدورنا أن نعرف الشيء القليل، حتى المستشار لدى الرئيس في لقاء مع قناة التاسعة لم يعط أي أخبار أو معلومات حتى نصف معلومة عما ينتظر التونسيون في الأيام القليلة القادمة…
الجبهة المقابلة للرئيس تتعاظم و تزداد سماكة يوما بعد يوم
الواضح أن ما سيأتي سيؤثر ايّما تأثير على البلاد سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا، و ستكون له ارتدادات في الداخل و الخارج، و ارتداداته في الداخل أقوى و أشد من الخارج، فالجبهة المقابلة التي يستهين بها الرئيس و يقزمها و يخونها، تتعاظم و تزداد سماكة يوما بعد يوم، و الغريب أن الرئيس بسياسته الاتصالية و “برامجه” الهلامية و خطاباته الموجهة يدفع بالتونسيين إلى التشاؤم أكثر فأكثر، و القلق و الخوف المتزايد على بلدهم في هذه الظروف بالذات… و الرئيس مطالب مع حالة الانتظار هذه إلى أن يجعل من عموم التونسيين يفخرون بإنجازات يحلمون بها، أو أن يضربوا كفّا بأكف على بلد ضاعت جميع فرص إنقاذه يصح فيه القول “و كأنك يا بوزيد ما غزيت”!
* محلل سياسي.
شارك رأيك