كل من تابع زيارة الدولة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تونس، يومي 15 و 16 ديسمبر 2021 يقف على دقة التفاصيل و الحرص الشديد على انجاحها حتى لو تطلب الأمر المبالغة في البروتوكول، منذ وصوله إلى المطار و طريقة الاستقبال و الندوة الصحفية و إمضاء عدد من الإتفاقيات و أهمية الوفد المرافق و التكريم و العشاء و الجو الاحتفالي الذي رافقها. لم يحدث أن وقع التحضير لزيارة مماثلة لأي مسؤول عربي أو غربي كما تم لهذه الزيارة… لماذا كل هذا الاحتفاء و الاحتفال؟
بقلم توفيق زعفوري *
تأتي زيارة الرئيس الجزائري عبد العزيز تبون إلى تونس بعد محادثات طويلة بين وزراء خارجية البلدين توجت بزيارة رئيسة الحكومة نجلاء بودن إلى نظيرها الجزائري قبيل زيارة الرئيس تبون.
هناك إذن حرص متبادل على وضع هذه الزيارة في صدارة الاهتمام نظرا للأسباب التالية:
أولا: سياسة التجييش السياسي في تونس ضد ما سمي بانقلاب الرئيس قيس سعيد و التهديد بالنزول إلى الشوارع لاسترجاع الشرعية، شرعية لا شعبية، ينضاف إليها عربدة عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، في شوارع العاصمة و الاعتصام أمام مقر اتحاد علماء المسلمين، و دعوة أغلب الأحزاب إلى التظاهر من أجل عودة البرلمان… ما استدعى رئيس الجمهورية إلى الضغط في الاتجاه المعاكس و استقبل في مكتبه بقرطاج كل من وزير الداخلية و وزير الدفاع و أصدر تعليمات واضحة بتطبيق القانون على كل الأطراف دون إستثناء.
و لكن الأمر لا يزال على صفيح ساخن خاصة إذا اعتبرنا مجمل التصريحات و الارتدادات السياسية التي بالغت في التطرف… تصريحات آل عبو و الأحزاب المتضررة من إجراءات 25 جويلية و ظهور حركة “مواطنون ضد الإنقلاب” و تضخم المعاندة الشعبية للمرسوم 117 ل 22 سبتمبر الأخير ، و تعنت المجلس الأعلى للقضاء و اصراره على البقاء بشكله الحالي مع إقرار إصلاحات من الداخل… هذا بالإضافة إلى الضغوط الخارجية، و آخرها بيان الخارجية الإيطالية…
ثانيا، يمثل الوضع الداخلي و حالة التنابز بين الإتحاد التونسي للشغل و وزير الشؤون الاجتماعية مؤخرا نوعا من الحذر و اتخاذ المسافة من الإتحاد لما يمثله من ضغط مباشر على قصر قرطاج لا يمكن تنفيسه و سحب البساط من تحت جميع الأطراف و التنفس بحرية الاّ من خلال إحداث اختراق قوي و ثابت…
ثالثا، زيارة الرئيس تبون هي بمثابة الدعم الجزائري للرئيس سعيد و مساندة قوية و لا مشروطة لخياراته و لسياسته. هذه الزيارة هي أيضا رسالة إلى الداخل التونسي مفادها أن الجزائر صف واحد و تساند تونس في كل الظروف دون أن تتدخل في شؤونها الداخلية، لكنها تقف مع الطرف القوي في هذه المعادلات، زيارة ثمثل سحب بساط من تحت أقدام الجبهة المقابلة بكل أطيافها…
يبدو أن الرئيس قيس سعيد يشتغل على برنامج داخلي لا يريد تشريك الأطراف فيه و ليس في برنامجه على الأقل حاليا الدخول في حوار موسع مع أي طرف سياسي أو غيره قبل توضح الرؤية، رؤية لجنة الإصلاحات الدستورية و القانون الانتخابي، و الاستفتاء، لهذا كان التسقيف ممتدا على عام كامل، هدنة تمكن جميع الأطراف من إعادة حساباتها و إعادة التنظيم و التنظم للدخول في السباق من الانتخابي من جديد… هذا إذا سارت كل الأمور على ما سطر لها قيس سعيد في خريطة طريقه التي رحبت بها عديد الجهات الأجنبية الفاعلة.
* محلل سياسي.
شارك رأيك