أن يتحدث حسن بن عثمان عن المنصف المرزوقي بسوء أو بغيره فعليه أن يتوضأ قبل ذلك، و يلزمه وقت طويل حتى يدرك ما أدركه الرجل من ثقافة و تكوين و شأن في الداخل و الخارج، عليه هو و أمثتله ألاّ يتطاولوا على المقامات و أن يحترموا الرأي و يضربوا الرأي بالرأي، لا أن يضربوا في شرف الرجل و يبالغون في تشويهه و شتمه.
بقلم توفيق زعفوري *
هذا المواطن البسيط من ضمن 12 مليون تونسي، أغلبهم لا يقرأون و البعض الآخر لا يسمعون الإذاعة و البعض الآخر لا يسمعون ما تقوله أصلا، و بعضهم لا يحبون الاستماع لما تقوله لما فيه من حشو و لغو، و البعض و أنا منهم، يستفزهم ما تقول من ترهات فيصعب عليهم التجاهل رغم أنه فن و لكن للأسف لا أتقنه، أتقن الرد على المغالطات حتى لا يتكاثر القطيع…
يقول السيد حسن بن عثمان و هذه المرة أورد اسمه بالكامل، لسبب سأشرحه لاحقا، حين إستضافته إذاعة شمس اف ام هذا الصباح الخميس 23 ديسمبر 2021 و في رده على عقوبة السجن في حق المنصف المرزوقي الرئيس الأسبق لتونس قال أن هذا الرجل تبرأ من إسمه، محمد، و عندما دخل قصر قرطاج و أصبح رئيسا أصبح اسمه “محمد المنصف المرزوقي”، أضافه ليستميل الإسلاميين و يغازلهم! أما قبل ذلك فتبرّأ من إسمه الأول “محمد”!
هذيان و شذرات لا ترقى لأن تكون موقفا
أنا آسف فعلا لحال حسن بن عثمان و من لف لفه، لأنني لم أعتبر أبدا ما يكتبه وما يقوله إنتاجا فكريا و رأيا حاصلا لسنوات من التكوين و المعرفة فحصيلته هذيان و شذرات لا ترقى لأن تكون موقفا و مبدأ و فكرة…
أعجب لحال من يعتبرون أنفسهم مفكرين كيف يجنحون و يذهبون و يوجهون دفة الرأي في اتجاهات حاقدة و شامتة و فاضحة، هذا الرجل لا رأي له غير الهذيان و لا وجهة له غير الخمارات و الحقيقة اني اشفق عليه أكثر من لومه، و يصح فيه قول محمود المسعدي رحمه الله “أرحمهم يا غيلان و لا تؤمن بهم”… و أن يتحدث عن المنصف المرزوقي بسوء أو بغيره فعليه أن يتوضأ قبل ذلك، و يلزمه وقت طويل حتى يدرك ما أدركه الرجل من ثقافة و تكوين و شأن في الداخل و الخارج، عليه هو و أمثتله ألاّ يتطاولوا على المقامات و أن يحترموا الرأي و يضربوا الرأي بالرأي، لا أن يضربوا في شرف الرجل و يبالغون في تشويهه و شتمه.
انتكاسة كبيرة في حق الحريات
أما عن الحكم الغيابي الصادر بحق الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي فهو يمثل في رأيي انتكاسة كبيرة في حق الحريات و حقوق الإنسان أكثر من انتكاسة في حق الرجل، فتاريخه النضالي في مجال الحقوق و الحريات يعرفه القاصي و الداني و ليس بحاجة للتعربف به و لا يختلف عليه إثنان، أما أن تختلف معه سياسيا فذاك حقك و لكن ليس من حقك أن تشمت به و أن تتشفى بمجرد أنه خصمك السياسي و الأيديولوحي لأنه وقتها تكون و الحاقد واحد، لا تختلفان في شيء، و يكون رأيك نابعا من حقد و ليس نابعا من فكر و فكرة فالرجل يحضى بمكانة متميزة في أوروبا و يشهدون له بذلك و ما كان أن سجن أحدا لمجرد أن أبدى رأيا، عندما كان في السلطة يجد نفسه من سجناء الرأي و محكوم بأربع سنوات نافذة ما إن يضع قدميه في المطار حتى يعاد توجيهه إلى هناك!
هذا الحكم يجعل من السيد المنصف المرزوقي شبيها بنلسن مانديلا و غاندي و بينازير بوتو و غيرهم ممن يدافعون عن الحريات و حقوق الإنسان آخر قلاع الإنسانية، و رأي السيد حسن بن عثمان نابع كما تسلفت من حقد دفين حينما انتهى الرئيس الأسبق إلى إصدار كتاب يفضح فيه السلطة الرابعة و من رأى نفسه معنيا بما جاء فيه ثار و استنكر و على رأي التونسيين، “المجراب تهمزو مرافقه”، كل من أحسن أنه معني بما جاء في الكتاب الأسود، صار من وقتها شريفا فارسا مناضلا و من عتاة الإعلاميين.
و في هذه أيضا يمكن أن تختلف مع الرجل و مع ما جاء في كتابه و لكن لا يمكن أن تشمت به و تشوهه لمجرد أنه خصمك السياسي و الأيديولوحي ، نحن تغلب علينا العاطفة قبل العقل فنذهب سريعا إلى الشتم و اللطم، لأنه أسهل الطرق، أما إعمال الرأي و التدقيق و الجدال و ضرب الرأي بالرأي فيحتاج وقتا و جهدا، و يصعب على الناس، لهذا يذهبون سريعا إلى الأدانة تماما، كما سيذهبون إلى اتهام هذا المقال و صاحبه بالعمالة و الانحياز و حتى بالحصول على معلوم المحاماة!
* محلل سياسي.
شارك رأيك