بعض الأدوية هذه الأيام مفقودة في الصيدليات التونسية، فما العمل؟ إضحك كلما استطعت فهذا دواء رخيص، أجاب أحدهم. لا حل إذن أمام المرضى سوى الضحك. فهذا الدواء ثمنه زهيد بل متوفر بلا مقابل لو عرف المرء طريقه.
بقلم فتحي الهمامي
دع عنك إذن العقاقير وخذ “حربوشة” ضحك فهي البلسم وهي الترياق. “يا ريت”… يجيبك المريض متأوِّها. فعدم تمكن بعض المرضى (وخاصة منهم أصحاب الأمراض المزمنة والثقيلة) من النفاذ بشكل فوري لأدوية العلاج قد ينذر بتعكر حالاتهم الصحية، وثمة أدوية ليست لها أصناف جنيسة. وحال المريض – أو من ينوبه في عملية التَفْتيش عن الدواء – هذه الأيام كحال بطل فيلم البحث عن السعادة كريس غاردنر (ويل سميث) الذي واجَهته عدّة مُشكلات الواحدة تلو الأخرى لذا تراه – طوال أحداث الشريط – يجري من مكان إلى مكان لعله يصل إلى مبتغاه.
نفسه المريض يلهث والوصفة بيده من صيدلية إلى أخرى لعله يحصل على مبتغاه، وحتى إن وجد صنف من الدواء في صيدلية فالصنف الثاني أو الثالث المسجل على الوصفة غير متوفر.
هذا بالنسبة للسَقِيم العادي أما بالنسبة لحامل مرض مزمن أو ثقيل فجزعه أشد وأكبر، إذ عليه ان يجد دواءه كله عند صيدلية واحدة ليتم تمتيعه بكامل التكفل من قبل صندوق التأمين على المرض (الكنام).
وعلى ذكر التكفل من المهم الإشارة هنا ان الكنام “الكريمة” تعلن – منذ بعثها – أنها تتكفل بصفة كاملة (بعد موافقتها على صيغة التكفل) بعيادة طبيب الأمراض المزمنة والثقيلة وبكامل الأدوية.
ولكن اليوم اصبح هذا المكسب في مهب الريح إذ يدفع المريض من جيبه 30د أو أكثر لفائدة طبيب الاختصاص. أما بخصوص الأدوية فنسبة التكفل المحمولة على حساب المضمون الاجتماعي والمدفوعة لصيدلي أصبحت تعادل 30 بالمائة! بل إن هذا الإسهام المالي من قبل المُعْتَلّ أضحى هو نفسه غير كاف على ضوء أزمة الدواء التي تضطره إلى اقتناء دوائه بدفع كامل الثمن. لماذا ؟ لأنه في نفس اللحظة التي يغمره فيها الابتهاج عند العثور على نصف مراده (جزء من الدواء) يفاجئه السيد الصيدلاني بإعلانه الصادم: التعاقد مع الكنام ولى وانتهى وأصبح من الماضي، المؤسسة لم تسدد ما عليها من ديون لفائدتنا !!
فإذا كانت هذه الصورة عن نقص الدواء في الصيدليات الخاصة وعما يعانيه المريض جراء ذلك. فما بالك بأخواتها في المرفق العمومي من مستشفيات وصناديق اجتماعية، وتلك القائمة في مصحات الضمان الاجتماعي والمراكز العمومية للصحة ! لا أظن أن حالها أفضل إذا لم تكن أَتْعَس يصفر الريح في خزائنها ورفوفها بسبب غياب الأدوية، وهو ما يجعل المريض هناك – وهو في الغالب من الفئات الهشة – خارج مبدأ الأمان الصحي بصفة واضحة. لذا فإن المريض أو المضمون الإجتماعي بصفة عامة – الواقع منذ مدة في دوامة ازمة نقص الدواء – لا يطالب سوى بحقه الانساني والدستوري في العلاج والمداواة حفاظا على صحته وحياته.
أما عن أسباب الأزمة فهي بالنسبة إليه في درجة ثانية، والتي مسؤولياتها موزعة بين الصيدلية المركزية و الكنام وصندوقي الضمان الاجتماعي (CNSS وCNRPS) اللذين يشتكيان بدورهما من ضعف وتذبذب المبالغ المقتطعة من الأجراء خاصة في القطاع الخاص. فهلا اتفقتم يا مسؤولي هذه المرافق فتوفروا الأدوية.
ناشط حقوقي.
شارك رأيك