هل كان الرئيس قيس سعيد يقصد ما كان يقوله و يؤكده من مبادىء دستورية والتزامات سياسية يوم أدائه اليمين كرئيس للجمهورية أمام مجلس نواب الشعب يوم 23 أكتوبر 2019 أم أن ألفاظ خطابه كانت من قبيل ألفاظ الأضداد التي تحمل المعنى وضده!؟
بقلم القاضي احمد الرحموني
لا ادري ان كان قيس سعيد ما زال يتذكر (والناس على ذلك شهود!) ما قاله وكتبه بيمينه منذ أكثر من عامين في كلمة ألقاها بمجلس نواب الشعب يوم الأربعاء 23 اكتوبر 2019 في موكب أداء القسم بعد انتخابه رئيسا للجمهورية. فقد أكد يومذاك لعموم النواب المنتخبين (الذين عزلهم ورفع حصانتهم وألغى مستحقاتهم و شهر بهم وطارد بعضهم وأحال آخرين منهم على الإقامةالجبريةو المحاكمة العسكرية… ومازالوا ينتظرون المزيد!) وذلك تحت قبة البرلمان (الذي اقتحمه وطوقه بدبابات عسكرية وقوات أمنية وأغلق أبوابه والطرق المؤدية إليه وعلق صلاحياته… وعطله إلى الأبد!),,, فقد أكد في كلمته تلك”أن المسؤولية الأولى لرئيس الدولة هو أن يكون دائما رمزا لوحدتها، ضامنا لاستقلاليتها ولاستمراريتها وساهرا على احترام دستورها، عليه أن يكون جامعا للجميع، وعليه أن يعلو فوق كل الصراعات الظرفية والضيقة.”!
ألفاظ تحمل المعنى وضده
هل كان الرئيس قيس سعيد يقصد ما يقول (وضحاياه يومئذ يصفقون!) أم أن ألفاظ خطابه كانت من قبيل ألفاظ الأضداد التي تحمل المعنى وضده! ألم يصبح – بعد أقل من عامين – رمزا لانقسام الدولة لا لوحدتها بعد أن اتجه على طريقته في فهم الأمور إلى السيطرة على مؤسساتها وإلغاء الفصل بين سلطاتها وتجميع صلاحيات التشريع والتنفيذ والإشراف على القضاء!؟
ألم يعمل على قلب التوازن في الدولة و احتكارها لفائدة من يدعوهم بالوطنيين (ضد من يصفهم بالخونة المأجورين) وإحكام قبضته على كافة المسؤوليات في الدولة إعفاء وتعيينا فوق أية رقابة أو انتقاد!؟
ألم تصبح الدولة أكثر تسولا وأشد افتقارا و أقل استقلالا وأضعف موقعا وأحط مرتبة أمام الأشقاء والأصدقاء من الدول والشعوب والهيئات والصناديق والمجموعات الدولية فكيف يكون ضامنا بذلك لاستقلالية الدولة واستمراريتها !؟
ألم يكن قيس سعيد أول رئيس منتخب على أساس دستور تأسيسي، يقسم ويتعهد باحترامه ثم يستند إلى بعض أحكامه لينقلب على مؤسسات الدولة ويجمع كافة السلطات بين يديه ويعلن تعليق الدستور والاستفتاء على تغييره لضمان ديمومة حكمه، فكيف يكون بذلك ساهرا كما قال على احترام دستور الدولة!؟
أول رئيس يتهجم على الموالين والخصوم على حد سواء
وحقيقة، ألم يكن قيس سعيد أول رئيس في تاريخ البلاد يتهجم على مواطنيه وناخبيه من الموالين والخصوم على السواء ويستعدي الناس ضد بعضهم ويقدح في ذمم الأشخاص والأحزاب والمنظمات ويغتاب منتقديه ويلعنهم أمام العموم ويتسبب في إيذائهم ومحاكمتهم، فكيف يكون بذلك جامعا للجميع ويدعي تجميع المفرق وتوحيد المقسم!؟
وفي الأخير، ألم تكن خطابات قيس سعيد وتصرفاته وتعليماته مثارا للنزاعات والصراعات والتتبعات ضد خصومه ومناوئيه من النواب وقيادات الأحزاب والمنظمات بحجة مقاومة الفساد وتهريب الأموال العامة وحماية الشعب صاحب السيادة، فكيف يكون بذلك مترفعا عن كل الصراعات الظرفية و الضيقة!؟
شارك رأيك