السياسيون الذين يحترمون أحزابهم و نظمها الداخلية و الذين يحترمون سيرتهم السياسية و يحافظون على مكتسباتهم و إنجازاتهم و حتى لا يطالهم التشويه و التشويش يبادرون بالاستقالة احتراما لتاريخهم و لنضالهم، إلا راشد الغنوشي، الذي لا يزال مصرّا على التضحية ببقية أعضاء حركة النهضة من الصفوف الخلفية، و التي بدأت تتساقط، و حتى الصفوف الأمامية، و لعمري سيستفيق فقط عندما يسقط رأسه و تسقط آخر قلاع الإسلام السياسي فلو دامت لغيره لما آلت إليه.
بقلم توفيق زعفوري *
بعد الهزائم المتتالية لحركة النهضة و التي بدأت بإستقالات مبكرة للرعيل الأول من مؤسسيها، و بعد انسحاب وجوه عدة كانت تمثل عصب الحركة و ضميرها، انسحاب تكتيكي للبعض بفعل الضغط الخارجي و جنوح النهضة إلى التوقي و الالتفاف و التكتيك انحناء من العاصفة، و استقالة البعض الآخر الذي مثل ضربة أخرى للحركة من أمثال عبد الفتاح مورو و عبد الحميد الجلاصي و زبير الشهودي، مدير مكتب رئيس الحركة، و لطفي زيتون مستشاره السياسي، و عماد الحمامي و بعض الوجوه النسوية، بعد كل هاته الضربات و الانسحابات، نتساءل ماذا بقي من الحركة و لماذا لا يستقيل راشد الغنوشي رغم الخسارات الكبيرة لتونس؟
حركة النهضة أضرت كثيرا بتونس
لقد ألحقت حركة النهضة هزائم متتالية بتونس و أضرّتها كثيرا كما أضرّت بنفسها فحالة عدم الاستقرار في البلاد، و التآكل المستمر لوجوه الصف الأول و التضحية ببعض القيادات الموالية و المؤلفة قلوبهم من الصف الثاني و الثالث، ماهي إلا أكباش فداء و خسائر أخرى بل هي قرابين ما زال شيح المعبد يقدمها تباعا حتى لا تسقط الحركة، الساقطة واقعا و فعلا في نظر التونسيين و بالأرقام، فالشيخ يجد نفسه في قائمة الشخصيات التي لا تتمتع بثقة التونسيين، فلماذا يصر على مواصلة تمريغ الحركة في التراب و تونس معا؟
مازال الشيخ يؤمن بالديمقراطية، تلك الديمقراطية التي تضعه على رأس الحركة و في رئاسة البرلمان أما الديمقراطية الداخلية و النظام الداخلي للحركة فهو أول من يتمرد عليه و خاصة الفصل 31 منه و هو لا يختلف في شيء عن عمر حسن البشير و على طغاة الشرق، فهو أكثر من 40 سنة على رأس حركة تتحدث كثيرا عن الديمقراطية و عن التداولية، و لكن لا تمارسها أو هي تتجاهلها.
راشد الغنوشي مصرّ على التضحية ببقية أعضاء الحركة
الشيخ لم يشبع بعد سلطة، لكنه يعشق الديمقراطية التي توصله للسلطة و يمقتها لأنها تحيده بعد مدة معينة، و كم تلاعب الغنوشي بالنظام الداخلي للحركة و كم مرة أجّل مؤتمرها الحادي عشر، مرة بفعل الوضع الصحي، و مرة أخرى لعدم نضج الظروف السياسية و هو لا يزال مباشرا لسلطة موجودة فقط في خياله.
السياسيون الذين يحترمون أحزابهم و نظمها الداخلية و الذين يحترمون سيرتهم السياسية و يحافظون على مكتسباتهم و إنجازاتهم و حتى لا يطالهم التشويه و التشويش… يبادرون بالاستقالة احتراما لتاريخهم و لنضالهم، إلا راشد الغنوشي، لا يزال مصرّا على التضحية ببقية أعضاء الحركة من الصفوف الخلفية، و التي بدأت تتساقط، و حتى الصفوف الأمامية، و لعمري سيستفيق فقط عندما يسقط رأسه و تسقط آخر قلاع الإسلام السياسي فلو دامت لغيره لما آلت إليه.
* محلل سياسي.
شارك رأيك