إن كنا في التيار الديمقراطي نعارض السلطة الحاكمة اليوم فذلك دفاعا عن كل تونسي تنتهك حقوقه وعن ديمقراطية أفسد بذرتها من يتظلمون اليوم بعد أن اغتالوا في المهد مكاسب الديمقراطية ومحاسنها. وهم اليوم يعارضون السلطة دفاعا عن مصالحهم وعن حقوق من يشبههم فقط… و الكلام طبعا عن قياديي حركة النهضة.
بقلم إيهاب الغرياني *
التجربة وإن كانت منارة تضيء الماضي فإن الغبي فقط لا يستنير بنورها !
عندما كانت السلطة بيدهم ولمّا كانت ميليشياتهم الألكترونية تنهش أعراض محمد وسامية عبّو و نبيل الحجي وهشام العجبوني بأمر من متكبهم للإعلام والإتصال لم نقرأ تنديدا واحدا أو حتى مجرد دعوة خجولة واحدة لاحترام أعراض الناس ممن يزايد علينا اليوم.
لمّا قامت سامية عبّو بإضراب جوع اتهموها بالكذب والتمثيل وأطلقوا في حقها الإشاعات الخسيسة بل أن أحد نواب كتلة ممتص صدماتهم قال “إن شاء الله تموت” ولم نسمع لهم صوتا أو همسا يندّد.
لمّا قام يوسف الشاهد بحملته الموهومة على الفساد ووضع العشرات تحت الإقامة الجبرية دون احترام شروطها، سمعنا من قياداتهم إلياذات تشيد باشتراكهم معه في مكافحة الفساد ولم نسمع صوتا ولم نقرأ حرفا يندد بالخروقات لمن يزايد علينا اليوم.
لما انتهكت الحقوق واعتديَ على المواطنين واعتقل القصّر وأغلقت الأزقة والأنهج والشوارع في عهد حكومة هشام المشيشي، سمعنا تشجيعا وتحريضا على ذلك من جمهورهم ولم نسمع ولو مجرد وشوشة متبرّمة لمن يزايد علينا اليوم.
للمواطن نورالدين البحيري حقوقا افتكت بدماء الشهداء، علينا جميعا الدفاع عنها أيا كان المواطن وأيا كانت شبهة جرمه. من حقنا جميعا معرفة سبب وضعه تحت الإقامة الجبرية ليقيّم كل واحد مدى تناسبها مع الشبهة ومن حق عائلة وحزب السيد البحيري ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بالحقوق والعدالة معرفة مكان إقامته وظروفها ومدّتها الأولية.
هذا موقف مبدئي لا يحتمل أي انتقائية ولا يخضع لأي ابتزاز خاصة من طرف من هتكوا الأعراض وشوّهوا وتشفّوا وحرّضوا وزيّنوا كل التكتيكات والأفعال المشينة ومن مازالوا إلى اليوم يغضّون الطرف عن خطايا الحزب الذي يناصرونه ويعتبرون أنه بريء مما يحصل في تونس اليوم ويروّجون بوقاحة بأن بعض أصدقائي وأن الحزب الذي انتمي إليه هم من تسببوا في الوضع الذي نحن عليه.
من ناحية أخرى، أتمنى السلامة لزهير اسماعيل ولكل المضربين عن الطعام.
شخصيّا، أدافع عن حقوق التونسيين، كل التونسيين دون أي تمييز وأعارض من يخرقها كائنا من كان لكن لا يمكن أن أكون في هذا إلى جانب من جرّبنا خرقه للحقوق والنيل من أعراض الناس والكذب عليهم وتشويهه للديمقراطية والذين لو استتب لهم الأمر لما أمن في البلاد إلا من كان في صفّهم أو يدور في فلكهم.
أعارض السلطة الحاكمة اليوم دفاعا عن كل تونسي تنتهك حقوقه وعن ديمقراطية أفسدتم بذرتها واغتلتم في المهد مكاسبها ومحاسنها وتعارضون السلطة دفاعا عن مصالحكم وعن حقوق من يشبهكم فقط… تعارضون لتعود السلطة إليكم ولحزامكم الذي وسّعتم وأعارض ليأكل كل التونسيين من ثمار الديمقراطية. ولنأكل جميعا، لا يجب للسلطة أن تعود إليكم. بين 2011 و 2022، تجربة إحدى عشرة سنة بدروسها وهي تشبه دروس نصف قرن قد سبق. أعارض وتعارضون لكن أنتم في حالكم وأنا في حالي وأنتم في مكان وأنا في مكان بعيد عنكم.
* طبيب – عضو بالتيار الديمقراطي.
شارك رأيك