لا يزال الرئيس قيس سعيد يأخذ البلاد إلى المجهول و لا يزال يتصرف هو و وزراؤه بمنطق الهواة أو ما ينطبق عليه المثل الشعبي “يتعلّم في الحجامة في رؤوس اليتامى”، أيه نعم، يمكن أن يكون للرئيس نوايا حسنة و ربما يبحث الرئيس عن الإصلاح و تفادى الكارثة المعلنة التي تنتظر الاقتصاد التونسي بعد أكثر من عشرة سنوات من قيام راشد الغنوشى بتنفيذ أجندة أجنبية إخوانية صهيونية تهدف إلى تفتيت مؤسسات الدولة و ضرب اقتصادها الفتىّ لكن الثابت اليوم أن سيادته يقف في مفترق طرق بحيث لا يعرف أي الطريق الواجب سلوكه للوصول بالبلاد إلى برّ الأمان.
بقلم أحمد الحباسي *
يجب التأكيد أيضا على فشل دائرة الرئيس و على رأسها السيدة نادية عكاشة في بلورة مشروع قابل للتنفيذ و إنقاذ البلاد الأمر الذي مكّن حركة النهضة و أتباعها مثل السادة نجيب الشابى و جوهر بن مبارك و عزالدين الحزقي على سبيل الذكر من ربح نقاط سياسية مهمة في معركتها لإفشال مقررات ليلة 25 جويلية.
لا أحد من المتابعين يمكن له مجرد التكهن بما سيقوم به الرئيس و لا أحد يرى في قانون المالية الجديد أو في حكومة السيدة نجلاء بودن سبيلا لإنقاذ البلاد أو مجرد بعث بصيص من الأمل في تغيير أحوال المواطنين و بالذات الطبقة الشابة التي تجاهلها الرئيس و الحكومة و قانون المالية بشكل متعمد في تضارب صريح مع شعارات ساكن قرطاج و أدبياته الخطابية المعسولة، هذا التذبذب يعكس تخبط سياسة الرئيس هذا إن سلمنا بأن تلك الزخارف اللفظية التي يتبرع بها سيادته في كل مجلس و أمام كل زائريه القلائل يمكن اعتبارها سياسة أو مشروعا للحكم.
ساكن قرطاج يتضارب مع شعاراته
ما لاحظه الجميع أن “السياسة” الوحيدة التي تسود في قصر قرطاج هي تسيير أمور الدولة حسب المزاج و التشنج و الانفعال و ردّات الفعل العاطفية التي تقارب الرومانسية الحالمة في بعض الأحيان و لعل عجز الرئيس الواضح رغم امتلاكه لكل السلطات على اتخاذ الإجراءات السريعة الواضحة على كل المستويات قد جعل الأطراف الاجتماعية تتساءل بامتعاض شديد عن أسباب اقتصار مشاورات الرئيس على قلة من الاستشاريين المشكوك فيهم دون عامة الخبراء و المتضلعين فى شؤون إدارة الدولة.
لقد شكلت حادثة وضع شخص مثل نورالدين البحيرى تحت الإقامة الجبرية تعلقت كل تهم الإرهاب و الفساد و استغلال السلطة عنوانا واضحا لسوء إدارة الأزمات و استباقها و لعل خروج وزير الداخلية توفيق شرف الدين على عجل و بتلك الصورة الكارثية التي جعلته يبتلع لسانه أكثر من مرة يعطى الدليل على أنه لا وجود لتنسيق أو حلقة اتصال أو تخطيط إعلامي سواء على مستوى وزارة الداخلية بين الوزير و أعضاده أو بين الوزارة و رئاسة الحكومة أو الوزارة و رئاسة الدولة. لذلك استطاع اللفيف المجند بقوة المال السياسي و الإعلامي من طرف رئيس حركة النهضة أن يحول مجرد تطبيق إجراء قضائي قانوني بحت يتم اعتماده في كل دول العالم إلى معركة حقوقية تضليلية عارمة نقلتها وسائل الإعلام و استغلتها قناة الجزيرة مثلا وهي التي تبحث عن جنازة لتشبع فيها لطما و نواحا على مصير الديمقراطية و حقوق الإنسان في عهد “الانقلابي” قيس سعيد متجاهلة بالمناسبة الطريقة الإجرامية التي آل بها الحكم في قطر للأمير المتخلى حمد بن خليفة آل ثاني سنة 1995 و انعدام أي نفس ديمقراطي في تلك المحمية الأمريكية.
متى يغلق وكر مرشد الإرهاب يوسف القرضاوى
لقد تساءلنا دائما لماذا تخندق الرئيس و حاشيته داخل برجه العاجي معاديا لبقية مكونات المجتمع المدني واضعا إياهم في نفس السلّة لمجرد الاشتباه و لماذا يصر الرئيس على استغلال النفوذ لتنفيذ أهواءه الشخصية المتعارضة بالطول و العرض مع المطلوب و مع الوضع السوء لاقتصاد البلاد و هنا نتساءل ما هي الإجراءات العملية الناجزة التي اتخذتها حكومة الرئيس لترشيد الأسعار و توفير المواد الأساسية التي تبخرت تماما بقوة قادر منذ إجراءات ليلة 25 جويلية 2021 و لماذا تبخرت كل الوعود الانتخابية الرئاسية لتحسين وضع المعطلين عن العمل و بالذات أصحاب الشهادات العليا في إجراءات قانون المالية و لماذا يصر وزراء الرئيس على البقاء في دفء مكاتبهم بدل التحول إلى بلدان العالم بحثا عن الموارد و مواطن تشغيل الشباب و جلب الاستثمار و تدعيم فرص التصدير و إنعاش القطاع الفلاحى ؟ . من الواضح أنه لا الرئيس و لا حكومته قادران على الإجابة أو ابتكار الحلول.
ما الذي يمنع الرئيس أو السيدة رئيسة الحكومة من إغلاق وكر مرشد الإرهاب يوسف القرضاوي؟ هذا سؤال مطروح بشدة لان الجميع يعلم خطورة هذا الوكر و مدى تورطه في تمويل الإرهاب و رعاية شبكة تسفير الإرهابيين و تدريبهم و تسليحهم. هل أن وزارة الداخلية أو جهاز الأمن العسكري أو مجلس الأمن القومي لا تتوفر لديهم المعلومات الكافية لاتخاذ قرار الغلق أم أن الضغوط القطرية هي السبب في صمت و إذعان الرئيس و حكومته الخجولة و إلى متى سيستمر الرئيس في مثل هذا الموقف المشبوه و الغامض الذي ستستغله الجماعات الإرهابية التابعة لحركة النهضة للقيام بعمليات إرهابية تسيل دماء المواطنين الأبرياء؟
هل يأتي قرار وضع نورالدين البحيرى تحت الإقامة الجبرية كإشارة للجهات القطرية بقرب اتخاذ قرار غلق وكر الإرهاب أم كمسكن لكل الأصوات التي تنادى باتخاذ قرار جذري سيادي يرفع هذا الخطر الداهم؟ في كل الأحوال من الظاهر أن الدعوة القطرية الموجهة منذ ساعات لرئيسة الحكومة لزيارة الدوحة ليست دعوة بلا مقابل و بلا خفايا و أغراض مشبوهة.
* كاتب و ناشط سياسي.
شارك رأيك