إن المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين وبعد اطلاعه على بلاغ رئاسة الجمهورية المتعلق بفحوى لقاء السيد رئيس الجمهورية بالسيد الرئيس الأول للمحكمة الإدارية بمناسبة تسليم التقرير السنوي للمحكمة الإدارية.
وبعد التشاور مع مكتب المجلس القطاعي للجمعية بالمحكمة الإدارية بخصوص ما تضمنه البلاغ من إطلاع السيد رئيس الجمهورية من قبل الرئيس الأول للمحكمة الإدارية على “مشروع مجلة القضاء الإداري”.
وبعد التأكد من عدم وجود نسخة نهائية من مشروع مجلة القضاء الإداري مكرّسة لضمانات المحاكمة العادلة والضمانات الدستورية للقضاء الإداري ومبادئ نفاذ المواطنين إليه مصادق عليها من طرف لجنة الصياغة المتعهدة بذلك ومن الهياكل الرسمية للمحكمة.
وإذ يذكّر أن الأساس القانوني للمجلة الجديدة للقضاء الإداري هو أساس دستوري فرضته أحكام الباب الخامس من الدستور وخاصة الفصل 116 منه الذي أسس لهيكلة جديدة للقضاء الإداري تكرّس ضمانات استقلال القضاء ومبادئ المحاكمة العادلة وحق المتقاضين في الولوج إلى القضاء الإداري، فإنه:
أولا: يؤكد على أن “مشروع مجلة القضاء الإداري” في آخر صيغة عرضت على قضاة المحكمة الإدارية في شهر سبتمبر 2021 ليس إلا مسودة مشروع لا يزال محل نقاش وتشاور بين قضاة المحكمة، وقد تضمن عديد النقائص والإخلالات الجدية التي تستوجب مراجعات جوهرية وعميقة في اتجاه تكريس فعلي وسليم للهيكلة الجديدة للقضاء الإداري وتدعي ضمانات استقلال القضاء وتيسير ولوج المتقاضين إليه.
ثانيا: يستنكر مسارعة الرئيس الأول للمحكمة الإدارية إلى عرض مسودة مشروع مجلة القضاء الإداري على رئيس الجمهورية رغم علمه اليقيني بالجدل الحاصل بخصوص مسار إعدادها وما اتسم به من تفرد بالرأي من قبله في وضع أحكامها بما أدّى إلى استقالة أعضاء اللجنة التي كان قد كلفها بنفسه بصياغتها ونشرهم لرأيهم بخصوص ذلك المشروع بالبيان الصادر عنهم بتاريخ 15 نوفمبر 2021.
ثالثا: ينبه إلى خطورة مضامين مسودة مشروع المجلة لانحرافها عن المبادئ الدستورية لتنظيم القضاء الإداري وتراجعها الكبير عن أبسط الضمانات المكفولة بقانون المحكمة الإدارية لسنة 1972 وسعيها خاصة إلى :
تكريس هيمنة مفرطة للرئيس الأول للمحكمة الإدارية العليا على مفاصل القضاء الإداري بكافة درجاته بما يضرب استقلاليته واستقلالية قضاته وهيئاته الحكمية ويحدّ من نجاعته.
إحداث مجلس مواز لمجلس القضاء الإداري منافس له في اختصاصاته بما من شأنه أن يخلق تنازع في الصلاحيات سيربك حسن سير القضاء الإداري.
الاستحواذ خارج أي أساس قانوني على مهمة التفقد القضائي الراجعة بالنظر للتفقدية العامة للشؤون القضائية باعتبارها الجهاز الرقابي الموكول له مهمة الرقابة على القضاة والمحاكم طبق التصور الشامل لإصلاح القضاء.
استدامة معضلة عدم تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية التي طالما أرقت المتقاضين من خلال عدم ايجاد الحلول القانونية لها والمحافظة على الأحكام التي تفتقر إلى الصرامة الكفيلة بحلها.
رابعا: يطالب الرئيس الأوّل للمحكمة الإدارية بتقديم توضيحات بخصوص ظروف تسليم مسودة المشروع إلى رئيس الجمهورية قبل عرضها على المجلس الأعلى للقضاء وعلى مجلس القضاء الإداري ودون عرضها على عموم القضاة الإداريين والهياكل الممثلة للقضاة والغايات الكامنة وراء هذه الخطوة.
خامسا: يشدد على رفضه القطعي تمرير مجلة القضاء الإداري على الصيغة التي صدرت عليها مسودة المشروع .
عن المكتب التنفيذي
رئيس الجمعية
أنس الحمادي
شارك رأيك