مأساة تونس اليوم التي توغل في الأزمات و تتقدم بخطى حثيثة نحو الإفلاس تكمن في سوء الحوكمة التي تسودها منذ عشر سنوات و عدم أهلية من حكموها خلال هذه المرحلة و الذين تميزوا كلهم أو على الأقل معظمهم بعدم الإلمام بواقع البلاد و انعدام التجربة و غياب الوعي بالمسؤولية و الإيغال في الصراعات الأيديولوجية و البحث عن المصلحة الشخصية و الحزبية على حساب مصالح الوطن و الدولة.
بقلم رؤوف الشطي *
السياسة هي خدمة الشأن العام، أي النضال من أجل الصالح العام و السعي الصادق والدؤوب لتغيير واقع الناس لما هو أفضل… والسياسي هو الذي يسعي إلى الوصول إلى السلطة في وقت معقول لتحقيق هذه الأهداف باستغلال المتاح من الموارد بأكثر ما يمكن من ذكاء وقوة شخصية وتوازن وفقا لبرامج ومخططات موضوعة مسبقا هدفها الأسمي تحقيق أكثر ما يمكن من رفاه وحرية وعدالة اجتماعية للشعب…
السياسي إذا هو الشخص الذي يمتلك قوة الشخصية و يناضل ويعمل لخدمة مصالح البلاد ويحسن التصرف في الوقت ويعرف كيف ومتي يعمل ويحقق الأهداف لأن العبرة بالنتائج… وهو بطبيعة الحال يتحمل تبعات قراراته و أفعاله…
بعيدا عن الدمغجة والشعبوية والعاطفيات والتشنج
يمكن أن تكون سياسا بارعا حتى ولم يكن لك شهادات علمية من أكبر الجامعات. لكن يفضل بطبيعة الحال أن تكون مثقفا و مشهودا لك من أطراف عديدة بالذكاء وعمق الاطلاع وفهم الواقع ونظافة اليد والالتزام بخدمة الشعب.
لنحاول الآن أن نتمعن هذا الكلام بعقولنا لأن هذا العمل قد يعيننا علي فهم الأشياء بعيدا عن الدمغجة والشعبوية والعاطفيات والتشنج…
أشرنا إلى المعايير التي يمكن أن تساعدنا علي توصيف شخص بالسياسي من عدمه و هي العمل من أجل المجموعة، و فهم الواقع، و قراءة التوازنات والابتعاد عن الشعبيويات والعنتريات واللغط واللغو والمهاترات واستعراض العضلات. لأن السياسة ليست فوضي ومظاهرات وإضرابات… وإضاعة للوقت وارتهان الحاضر والمستقبل.
هواة سياسة وموظفون لا رؤية لهم ولا مخططات
هذه هي الخصال الذي يجب على كل من يطمح إلى الدخول إلى حقل السياسة أن يتحلى بها….
أنت لست سياسيا إن لم تكن لك هذه المواصفات وعليك تغيير بوصلتك… لأنك بالتأكيد إن لم تتوفر فيك هذه المعايير ستقترف أخطاء فادحة تعود بالوبال على المجموعة حاضرا ومستقبلا.
انطلاقا من هذه المعايير الموضوعية يمكن لنا أن نقول إن كان عندنا في تونس الآن سياسيين ورجال دولة من عدمه…
بصراحة لا أعتقد ذلك… عندنا هواة… لا غير وموظفين جلهم لا رؤية لهم ولا مخططات… أغلبهم ما انفك عن التغريد واللغو واللغط وحب البروز منذ عشر سنوات دون أن ينتقد نفسه ويقيم أخطاءه… و دون أن يحاول أن يعرف أسباب فشله ولماذا لم يحقق أي شيء…
مانحن فيه من وهن وضعف وعدم قدرة علي تغيير الأشياء خير دليل علي ذلك… وهذا الكلام ينطبق على كل مكونات المعارضة وكذلك علي من هم في دفة الحكم…
* سفير سابق.
شارك رأيك