الرئيسية » تونس : جوهر بن مبارك أيقونة فاشلة لمعارضة الرئيس قيس سعيّد

تونس : جوهر بن مبارك أيقونة فاشلة لمعارضة الرئيس قيس سعيّد

جوهر بن مبارك يأمل في دور يتكرم به عليه راشد الغنوشي.

تحركات الناشط السياسي جوهر بن مبارك ضمن حركة مواطنون ضد الانقلاب تظل جوفاء لا تؤدي إلى نتيجة، ولن ينجح هذا المتهافت على بوابة حركة النهضة في تأليب الرأي العام التونسي على رئيس الجمهورية قيس سعيد لأنه لا زاد ميداني له، و لأن هناك قطيعة تامة بين الأحزاب و بين المواطنين الذي تقيأوا السياسة و السياسيين.

بقلم فوزي بن يونس بن حديد *

لم يبق أمام حركة النهضة اليوم إلا ورقة واحدة ترسل من خلالها أصواتها للتونسيين لعلها تجدي، هذه الورقة اسمها جوهر بن مبارك الذي لم يألُ جهدا في إثبات أنه رجل سياسة وناشط كبير في الفترة التي تلت إجراءات الرئيس قيس سعيد الاستثنائية، بعد أن احترقت كل الأوراق التي سبقتها، ولعل أبرزها ورقة السيد المنصف المرزوقي، الذي لم يستطع استمالة الناخب التونسي من جديد بعد أن فقد كاريزميته السياسية وتخلت عنه حركة النهضة في وقت كان فيه في أشد الحاجة إلى دعمها باعتبارها تمثل الأغلبية في فترة من الفترات، لكن الأخيرة آثرت التخلي عنه في لحظة الصفر بعد الاتفاق المشهور بين الشيخين –إن صح القول–، بين الشيخ راشد الغنوشي والباجي قايد السبسي.

حركة النهضة تعيد نفس الأخطاء

هذا الاتفاق هو الذي أطاح بالرئيس الأسبق المنصف المرزوقي في انتخابات 2014 ليضعه في دكة الاحتياط، ولكنه سرعان ما خرج من السباق ولم تمنحه الفرصة في انتخابات 2019 أيضا بعد أن آثرت حركة النهضة أيضا أن ترشح شخصية من صُلبها وكانت تفكر آنذاك أنها ستحقق المراد، غير أن الشباب التونسي قلب المعادلة وعلّمها درسًا تعاني من آثاره إلى اليوم، لأنها لم تقرأ الواقع السياسي والاجتماعي جيدا ولم تضع أهدافًا وطنية واضحة ومرسومة تعمل على تحقيقها فضيّعت على نفسها الفرصة التاريخية التي كانت يمكن أن تتوج الحركة في المشهد السياسي إلى اليوم.

ويبدو أن حركة النهضة تعاود الخطأ نفسه حينما تستخدم بعض النشطاء السياسيين بيادق لأغراض سياسية بحتة أهمها على الإطلاق البقاء في الحكم وفي المشهد السياسي في تونس عموما، لكن هذا البريق بدأ يخفت مع القرارات الجريئة التي صدرت من رئيس الجمهورية إثر أحداث الخامس والعشرين من جويلية الماضي، وبعد أن بدأت تصطدم حركة النهضة مع مؤسسة الرئاسة ظنا منها أنها الأقوى شعبيا، وما زال هذا الظن يدغدغ نفوسهم رغم أن الحديث عن هذا صار من الماضي الذي لن يعود حسب تصريحات قيس سعيّد.

صفقات حركة النهضة مع الناشطين الفاشلين

وقد بدا الناشط السياسي جوهر بن مبارك الوجه الأبرز في حركة مواطنون ضد الانقلاب، معتمدا على الدعم الكبير من حركة النهضة رغم أن هذا الرجل كان من أشد المنتقدين لها في الماضي، فهل غيّر وجهه حتى يحظى بعدد أكبر من الداعمين الموالين للحركة أم أن لديه طموحًا سياسيًّا ويريد من خلال هذه الأحداث أن يركب سفينة الانتخابات المقبلة في 2024م ليصل إلى قصر قرطاج، وهو طموح مشروع لكل تونسي تتوافر فيه الصفات المطلوبة وأهمها أن يكون وطنيا من الدرجة الأولى، لكن يبدو أن هناك لعبة سياسية من وراء هذا الصفقات التي تجريها حركة النهضة مع هؤلاء الناشطين، وتتمثل على الأرجح في منطق تحقيق هدف بهدف أو واحدة بواحدة، فكلما ظهر للنهضة أنها قادرة على هزيمة الرئيس قيس سعيد من خلال تجييش الشعب التونسي وتهييجه يتراءى للطرف المقابل الطموح السياسي الذي يسعى له.

ولا شك أن جوهر بن مبارك مفوّه ويتمنطق سياسيا، لكنه لم يكوّن إلى حدّ الآن قاعدة شعبية تخوله أن يكون ناطقا باسم الشعب التونسي في المحافل الدولية والإقليمية والداخلية، ولم يكوّن حزبا سياسيا لأنه يخاف من الفشل الجماهيري الذي لحق الأحزاب السياسية في تونس رغم كثرتها، ولأن الشعب التونسي لا يعبأ بوجودها أصلا على الساحة مهما قُدّمت من تعريفات وأُلقيت من خُطب وأُقيمت من تجمعات ما لم تلامس حقيقة معاناة المواطنين الذين يعيشون تحت وطأة الجوع والفقر والتهميش والبطالة وغيرها من المشاكل المتراكمة منذ سنوات.

القطيعة بين السياسيين و المواطنين

هذه حقيقة السياسيين في وطننا الغالي تونس، لا يعبأون بما يعانيه المواطنون في حياتهم اليومية من مشاق العيش والسكن والبطالة ومشاكل الأسر، وليست لديهم خطط واضحة واستراتيجيات بديلة للحالة المتأزمة على جميع المستويات، وليس لديهم بعدٌ وطنيٌّ واضح ولم يقدّموا تضحيات كبيرة للوطن والشعب حتى يصطفّ الشعب وراءهم لينتخبهم بقوّة، فالقوة الحقيقيّة للسياسي أن يسعى لحلّ مشاكل المواطنين لا أن يقبع في مكتبه على كرسي فاخر، فالرواد الكبار والمناضلون يسعون إلى فعل ذلك دون انتظارٍ من أحد شيئا ولا نظرٍ إلى مصلحة.

ولذلك تبدو تحركات بن مبارك جوفاء لا تؤدي إلى نتيجة، ولن ينجح على الأرجح في تأليب الرأي العام التونسي على رئيس الجمهورية لأنه لا زاد ميداني له، وليبقى المشهد السياسي في تونس في صراع ما لم يُحسم إما بالحوار بين الأطراف السياسية والخروج بصيغة توافقية وإما بفرض الأمر الواقع بضوابط عسكرية بشرط عدم المساس بالحريات.

* محلل سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.