الرئيسية » تونس : في انتفاء الفرق بين راشد الغنوشي و نور الدين الطبوبي…

تونس : في انتفاء الفرق بين راشد الغنوشي و نور الدين الطبوبي…

لا فرق نظريا و عمليا بين راشد الغنوشي و نور الدين الطبوبي، بين القائد السياسي و القائد النقابي، الأول أخذ تونس إلى الأزمات في إطار صراعه من أجل البقاء و الثاني يأخذ ما تبقى منها من أجل البقاء أيضا، فالسلطة المطلقة كما يقول الفلاسفة مفسدة مطلقة.

بقلم توفيق زعفوري *

الشخصيتان مبدئيا مختلفتان و متناقضتان كل منهما ينتمي إلى ايديولوجية معينة، متنافضتان حد الصدام، كما حدث يوم 4 ديسمبر من عام 2012 لما هاجم أتباع الحركة الإسلامية مقر الإتحاد النقابي بتونس العاصمة لكن الجامع بينهما هو موقع التحكم و الآمر الناهي، راشد الغنوشي في حركة النهضة كحزب سياسي و نور الدين الطبوبي في الاتحاد العام التونسي للشغل المنظمة الشغلية العتيدة و العريقة و قد تمتعا سويا بوهج السلطة و التسلط، و أكثر ما يجمع بينهما هو الالتفاف على القانون و الدوس على الأعراف : العرف السياسي و العرف النقابي على حد السواء.

الالتفاف على القانون و غواية السلطة

الغنوشي التف و لا زال على القانون الداخلي للحركة من خلال الدوس على الفصل 31 الذي لا يسمح له بالترشح لرئاسة الحركة أكثر من مرتين، وهو ما أحدث شرخا كبيرا في هيكل الحركة و دفع بقيادات الصف الأول إلى الانسحاب بعد التصادم و لم تنفع رسالة ال100 قيادي و لا حتى أسهمه السياسية الهابطة و المستوى المتدني لثقة التونسيين فيه و محاولات سحب الثقة، كل ذلك و لا يزال الغنوشي منتشيا ببهرج السلطة، لا يعرف معنى الاستقالة أو الانسحاب من أجل تونس و لا حتى من أجل مصلحة الحركة…

نفس الشيء يفعله نور الدين الطبوبي بالإتحاد العام التونسي للشغل، بعد مؤتمر غير انتخابي في مدينة سوسة في ظروف صحية قاهرة، أقر القضاء بعدم شرعيته، يحاول الطبوبي و الأجنحة الموالية، أو لنقل سياسيا المؤلفة قلوبهم، الالتفاف على القانون الداخلي للمنظمة الشغلية، و خاصة الفصل 20 منه، و عن القانون من خلال الدعوة إلى مؤتمر انتخابي استثنائي أيام 16 و 17 و 18 فيفري القادم، مؤتمر مطعون في شرعيته أثار الكثير من اللغط النقابي و السياسي و جعل الحديث عن المنظمة الشغلية الأكثر تمثيلية و الأكثر ديمقراطية مثيرا للريبة و سخيفا خاصة إذا علمنا أن أعضاء من المكتب التنفيذي ذاته تقف على النقيض من خيارات الأمين العام و جماعته…

لعبة الديمقراطية و نواميس المؤسسات

لا يخفى إذن أن هناك انقساما حادّا داخل الاتحاد بين من يدفعون باتجاه عقد المؤتمر كسابقه اي مؤتمر سوسة، و بين من يتمسكون بالقانون الداخلي و يريدون فرض إحترامه، احتراما لحشاد و للتونسيين و أخيرا احتراما للعبة الديمقراطية و لنواميس المؤسسات، فعندما تسمع الأمين العام المساعد المكلف بالقطاع الخاص محمد علي البوغديري اليوم على إذاعة شمس أف أم، محذرا من الاستخفاف بالنقابيين و يدعو للتصدي لمحاولات ضرب القانون داخل الاتحاد، و بين تصريح الأمين العام المساعد المكلف بالوظيفة العمومية حافظ حفيظ أن المؤتمر سينعقد في تاريخه، نفهم جليا طبيعة الصراع و سطوة الأجنحة داخل الاتحاد و عمق الأزمة الداخلية التي انتقلت من مكاتب الاتحاد إلى بلاتوهات الإعلام، ثم إلى قصور العدالة، و هو نفس الصراع داخل حركة النهضة قبل التشظي و “الإنسحابات” الثقيلةو المحصّلة أنه لا فرق نظريا و عمليا بين الرجلين، الأول أخذ تونس إلى الأزمات في إطار صراعه من أجل البقاء و الثاني يأخذ كا تبقى منها من أجل البقاء أيضا، فالسلطة المطلقة كما يقول الفلاسفة مفسدة مطلقة. 

* محلل سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.