دعت حركة النهضة أنصارها مرة أخرى إلى التظاهر يوم الأحد 6 فيفري 2022 محاولة منها لتأليب الشارع التونسي من جديد على قرارات الرئيس قيس سعيد، واستغلالا للحالة الحرجة التي تمر بها البلاد بعد الأزمة الاقتصادية الحادة التي لم تجد طريقا إلى الحل إلى حدّ الآن لعدة أسباب منها ما يتعلق بالرئيس نفسه ومنها ما يتعلق بالأيادي الخفية التي تريد إحباط أي محاولة لإنقاذ تونس من سقطتها وغرقها في مشاكل مالية حادة تسببت في امتعاض المواطنين من تأخر رواتبهم وأجورهم، وعوض أن تسعى الحركة إلى تقديم الحلول لهذه المشاكل نراها تركض وراء افتعالها وتأجيجها ونشر الفوضى من خلال التحرك في الشارع الذي لا يغني من الحلّ شيئا.
بقلم فوزي بن يونس بن حديد
بعد أن تلقّت الحركة الإسلامية ضربات موجعة من الشارع التونسي، ها هي اليوم تلجأ إليه من جديد حتى تنهض لمواصلة مشوارها السياسي، ويبدو أن الضربة القاضية لم تأت بعد لتسكتها وتتركها في مكانها لأنها كما يبدو لا تريد أن تغير منهجها وتسلك طريقا آخر غير الطريق الذي عليه الآن، وقد تكون هذه التحركات هي النهائية في تاريخ الحركة ما بعد 25 جويلية لتقضي على كل آمالها في العودة الآنية والعاجلة إلى ما كانت عليه قبل ذلك، لأن الشعب التونسي على الأرجح لا يريدها اليوم أن تتصدر المشهد السياسي الجديد أو حتى المشاركة فيه مهما كانت الأحوال والأسباب والمسببات، وإذا حدث هذا السيناريو فعلى النهضة السلام على الأقل في الفترة الحالية.
اليد الواحدة لا تصفق
غير أن المشهد السياسي والاقتصادي في تونس ما زال مختنقا، وما زالت آثار الاختناق لم تتلاش بعد بل بقيت تخنق المزيد والمزيد، وما ذلك إلا لأن الرئيس قيس سعيد ما زال مصرا على العمل بمفرده في هذه اللحظة الحاسمة التي تحتاج إلى العمل الجماعي حتى ينجح، فلا بد من مدّ اليد إلى الأحزاب السياسية المعتدلة التي لم تتصادم معه ويرى فيها إمكانية العمل معها بعد الحوار والنقاش وطرح المقترحات، ويلجأ إلى المنظمات المعترف بها في تونس لتحقيق مطالب الشعب التونسي وإدارة الاقتصاد، فاليد الواحدة لا تصفق كما يقال، والمتربّصون كثيرون في كل الواجهات، والتصدي لهم يحتاج إلى قوة بشرية ومالية من شأنها أن تخفف الوطء قليلا.
أعتقد أنه لزاما على الرئيس التونسي اليوم أن يبحث في الحلول الأخرى غير الحل الذي يتمسك به حتى لا تتفاقم الأمور ولا تسير إلى ما لا يحمد عقباه، وكما قلت آنفا فإن المتربصين كثّرٌ لا يريدونه أن ينجح في مهمته الصعبة جدا، ولا يريدون لتونس التقدم إلى الأمام، فقراراته جيدة جدا لكنها تحتاج إلى مرونة في التفعيل والتنفيذ وتحتاج إلى عناصر أخرى غير مؤسسة الرئاسة حتى يتم التوافق بين أطياف الشعب التونسي.
الحل بين أيدينا نحن التونسيين
وعلى هذا الأساس، إذا بقي المشهد على حاله ولم نرى انفتاحا على المؤسسات والمنظمات والأحزاب لإدارة شؤون البلاد، والتشاور والأخذ بالأفضل والأصلح لمسار الديمقراطية في تونس اليوم، فربما نشهد في قادم الأيام تحركات أخرى غير التي تدعو إليه حركة النهضة، وربما تستفيد بعدئذ هذه الحركة من هذا التشرذم الذي نراه يزداد تعقيدا يوما بعد يوم، في ظل التوترات المحلية والإقليمية والدولية.
نُقرّ بأن الوضع في تونس متأزّم، والحل بين أيدينا نحن التونسيين، فنحن الذين نصنع التغيير ونحن الذين ننقذ بلدنا من الانهيار ومن الانزلاق نحو الفوضى العارمة التي تدغدغ نفوس الكثير، ولكن الصدّ لمثل هذه الدعوات والمناوشات إنما يكون بالوحدة والعمل معا في ظل نظام سياسي واقتصادي جديد تتوافق عليه جميع الأطراف.
شارك رأيك