“إلى شكري وباقي الشبيبة، في ذكرى زمن بيت نهج بولونيا بباب سعدون وخيام صحراء قرعة بوفليجة، لمّا كانت الأيام أحلاما تتناطح مع أفاعي المستحيلات”.
“الحب خمرتي
نحن الملوك
وبعدنا
فوضى الرّكام
فلا تضف في الكأس شيئا
كي تظلّ مدينة
في الليل
حولي واقفةْ
لا تسقني
فالحلم
يسْكرُ وحده
والحزن
عرّاب العقول العارفةْ
بل اسقني
إن الخيوط تباعدت
والعنكبوت يحب أن تبقى
الخيوط مخالفةْ
أهنا ينام نصيبنا؟
في هذه الارض القبيحة
حيث لا تأوي طيور
أو تظلّل وارفةْ؟
يا رب بحري لا يطاوعني
إذا أرسيتُ
تحبسني الموانئ في مرابضها
وإن أشرعت
تبلعني رياح العاصفةْ
الماء قيح
والغبار رقائق الكبريت
في رئتي
وأوقاتي تدقّ على عقارب تالفةْ
وإذا فتحت نوافذي للفجر
يدهشني النهار
كأنما نور النهار هنا
أراه مصادفةْ
نحن الملوك إذا الزجاجة بايعت
وإذا أبت
سنكون قوّادين
نلعقُ كالجراء الخائفةْ
الصحو يا أبتي يعذبني
وكيف أرى؟
فليس الجنّ جنّيّا
وليس الشعب شعبا
بل طوائف طائفةًًْ
شاغل ذبابي بالحديث
لكي يغادر غفوتي
فأنا يعمّرني الذبابُ إذا غفوتُ
فلا أنام
سوى على بقع الحديث السالفةْ
اليوم خمر
ثم أمر في غدٍ
فامُرْ غدا بالخمر أيضًا
كلّ من لم يغتسلّ بالخمر
يَنْتَنُ في القبور التالفةْ
لا عقل
لا أوجاع
لا رؤيا
تنوء بحملها
وقت الفصول الخارفةْ
وحدي
وانتم كلكم حولي
ضجيجي داخلي
وأناملي وحدي
أراها عازفةْ
إن كان قلبك يا نديمي كرمة
فاشرب معي
الحب وحده خمرتي
لما تصير الامنيات
على الشوارع هاتفةْ
لما تبور سماؤنا
وتطوف حول نجومنا
جهرا
سواطير المنايا القاطفةْ
فاشرب معي يا صاحبي
نحن الملوك
وهذه المدن القبيحة ملكنا
من حزنها
تتكوّر الأحزان
من دمها
الجراح النازفةْ
اشربْ بحقّ الحبّ
حتى لا يطيق الحبّ شُّرْبي
يا بلادُ إليك نخبي
للرفاق بقدر أشواقي لهم نخبي
لشكري فوق حدّ الموت نخبي
للعيون إذا روت
كانت حكايتها
خطوطا ذارفةْ
ليس الذي أعنيه سكر الخمر
بل سكر التجلي دون خوف من مخاوفنا
لأن العري خوفٌ
والمحبة أصلها خوفٌ
وخوفي لسانٌ يرتجي ماءً بقيظ الصائفةْ
يا ربّ نحن أمام ما صوّرت منّا
دون أسماء تُنادَى
كي نناديها
وجوهْ فوق أبدانٍ
تحرّكها بلا معنى بروقٌ خاطفةْ
في كل يوم نقصد المعنى
لكي بالكاد نبلغ نيّة المعنى
فدون الدّون لا معنى
وخمرك ذروة المعنى
فلا تحرم شفاهي من دم المعنى
وما المعنى إذا لم يسجد العقل المكابر
تحت ظلّ العاطفةْ”.
شارك رأيك