“الجمهورية الثالثة” هو الحزب رقم 283 الذي أعلن عن ميلاده بعد 2011 و صاحبته ألفة الحامدي شابة جد طموحة و حالمة و ترى في نفسها مسابقة جدية على الرئاسة و منافسة عتية على كراسي الحكم بالرغم من صغر سنها و هزال تجربتها المهنية و الإنسانية و السياسية.
بقلم توفيق زعفوري *
منذ أيام تزايد عدد الأحزاب في بلد ممزق اجتماعيا و اقتصاديا و سياسيا. أكثر من 280 حزب سياسي و لا زالوا يتكاثرون و يتوالدون و يتحوّرون كالفيروسات. و أغلب التونسيين يتساءلون في حيرة و في جنون أي حزب يتّبعون و أي كيان قادر على إخراجنا من الوحل، فحسب مصالح الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بحقوق الإنسان و العلاقة مع الهيئات الدستورية و المجتمع المدني، فقد تم وفقا لمقتضيات المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية (الذي لا بد من مراجعته)، تأسيس حزب التجمع القومي التونسي و رئيسه عبد القادر بن شايب ليصبح بذلك العدد الجملي للأحزاب السياسية 282 حزبًا و بذلك يكون حزب ألفة الحامدي”الجمهورية الثالثة” هو الحزب رقم 283 إن لم يكن أكثر!
في ميادين موغلة في الوحل
ما الذي يجعل ألفة الحامدي و غيرها تنافس في ميادين موغلة في الوحل؟ ألفة الحامدي كغيرها من التونسيين استفادت من قانون الأحزاب و كوّنت حزبا أسمته الجمهورية الثالثة في الرابع و العشرين من شهر فيفري من عام 2022، مع أننا ندرك دلالات التسمية، فإننا سنمر إلى دواعي دخولها غمار السياسة و نتحسس حظوظها في الترقّي إلى الصفوف الأولى…
أولا، ألفة الحامدي الشابة التي تقدّم نفسها على أنها سليلة الثقافة الأكاديمية الأمريكية، تكوينا و خبرة بهرج يغري التونسيين، و ليس كل التونسيين، فهناك من يشكك في سيرتها الذاتية أصلا و في خبرتها، ثم إنها تفاخر بكونها إبنة الحوض المنجمي في إشارة واضحة إلى دغدغة مشاعر أهل الجنوب و استمالة خزانه الانتخابي لصالحها و هذا أيضا من حقها، فقد جرّب قبلها الصافي سعيد و هو من نفس الجغرافيا، لكن حظوظه في الرئاسية لم تتجاوز 2٪ و لازال في مرحلة دنيا في سبر الآراء.
لكن ليس لألفة الحامدي أي سيرة نضالية لا في الساحات و لا في الأستوديوهات و لا في غيرها و لا مواقف و لا مبادئ و خاصة لا ماكينة إعلامية وراءها و لا شيء يُحسب لها عدى رفضها طلبا تقدم به الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي لتسبقة مالية على حساب منخرطيه، و هنا أيضا لها الحق في الرفض بحكم مسؤوليتها على رأس الخطوط الجوية التونسية آنذاك، و وضعية الشركة المالية، وهي مسائل تقديرية على كل حال…
توابل الشعبوية و الواقعية في آن واحد
ألفة الحامدي الطموحة، الحالمة تطرح برنامجا اقتصاديا بحتا، ترى أنه بالإمكان تحسين الوضع السياسي من خلال النمو الاقتصادي و تركز على ما هو اقتصادي و اجتماعي لا على ما هو سياسي، لكن برنامجها الاقتصادي يحتاج إلى تفاصيل أكثر حتى يعلم التونسيون إمكانية تحققه على أرض الواقع من عدمه أم أنه كغيره من البرامج التي طالما تغنى بها أصحابها ثم ثبت أنها غير قابلة للتطبيق و لا هي تحققت واقعيا، فلو أنها نجحت أن تحقق بعضها لتغيّر حال و واقع التونسيين منذ زمن.
فماهي حظوظ ألفة الحامدي في عراك السياسة و الإقتصاد؟
ألفة الحامدي يلزمها الكثير من توابل الشعبوية و الواقعية في آن واحد، و يلزمها ماكينة إعلامية و عراك متواصل و نفس طويل، حتى تدخل سباق سبر الآراء، يلزمها معجزة أو اختراق سياسي و فكري صارخ حتى يمكنها أن تكون القائدة الشابة التي تمثل المرأة التونسية و عليها أن تستغل هذا أيضا و تركّز على مواهبها و إمكاناتها في حملاتها و جولاتها القادمة دون أن تسقط فيما سقط فيه غيرها كالهاشمي الحامدي مثلا، إذ لا فائدة من الإتصال بالرئاسة، بل الأفضل الإتصال بالتونسيين أينما هُم في المصانع و الحقول و المدارس و الأسواق و حتى الطرقات، و إقناعهم بتفاصيل الخطة الاقتصادية و وصفة الخروج من الأزمة، فالأمر يستحق العناء، و لتنظر إلى مسيرة و عناء عبير موسي مثلا كتجربة مقارنة، و مع ذلك فهي حسب سبر الآراء لا تزال بعيدة جدا عن صاحب المرتبة الأولى و لا مجال للمقارنة.
أقول هذا حتى تعلم ألفة و غير ألفة الحامدي ممن يرومون الدخول في المعارك أي واقع سيواجهون و أي حظوظ لهم فيه إذ ليس من السهل أن تكون قائدا أو رئيس جماعة و حزب و دولة.
نحن إذ نبيّن واقع التونسيين لألفة الحامدي، فنحن نعلم أنها تعلم و نعلم أنها واعية بكل ما سبق ذكره، و لكننا مع ذلك نتمنى لها التوفيق و السداد لما فيه خير تونس و التونسيين و الله ولي التوفيق…
* محلل سياسي.
شارك رأيك