أصر الرئيس قيس سعيد على وضع منظومة قضاء جديدة في تونس قوامها العدل والمساواة وعنوانها محاربة الفساد وثمرتها الازدهار والهناء، فهل ينجح في سعيه و يتلقف القضاة الفرصة لتغيير ما بأنفسهم و يحسنوا من صورتهم السلبية لدى المتقاضين و المواطنين ؟
بقلم فوزي بن يونس بن حديد
بتعيينه مجلسا مؤقتا للقضاء الأعلى في تونس و تنصيبه الرسمي له يوم الإثنين 7 مارس 2022 يكون الرئيس قيس سعيد قد بدأ مشوار إصلاح القضاء بكل عزيمة وإصرار، وقد بدا المشهد مهيبا بعد أداء جميع أعضائه القسم أمام رئيس الجمهورية ليعلن مرحلة جديدة من القضاء التونسي مبنية على أسس العدالة وهي الأسس التي تجعل الشعب التونسي يعيش تجربة جديدة من القضاء قوامها محاربة الفساد ومحاسبة المجرمين والفاسدين الذين تطاولوا على الدولة التونسية واعتدوا على مالها العام ومال الشعب ومحاربة الاحتكار الذي بدأ يفتك بالبلاد شرقا وغربا.
إلى متى يظل الفساد ينخر القضاء ؟
ولطالما عبر رئيس الجمهورية عن امتعاضه الشديد من سير عمل القضاء خلال الفترة الماضية وتحديدا من سنة 2011 حيث ترك المجلس الأعلى للقضاء المنحل كثيرا من القضايا معلقة ولم يبت فيها القضاء ولم يصدر أحكامه فيها تلك التي من المفترض أن تصدر، لكن الفساد الذي نخره حسب تصريحات الرئيس المتكررة حال دون الوصول إلى نتيجة مرضية للشعب التونسي، مما استوجب التدخل من أعلى سلطة بالبلاد لإلغاء المجلس القديم واستبداله بمجلس مؤقت يتمتع بصلاحياته إلى حين انتخاب مجلس النواب في ديسمبر المقبل ومن ثم تشكيل مجلس جديد للقضاء.
هذه الخطوة أعتبرها شخصيا جريئة كما اعتبرها عديد المراقبين لأنها تمثل خطوة مهمة لتحرك القضاء على جميع الجبهات العدلي والمالي والإداري، وانطلاقه نحو العمل بجدية وإفراز القضايا المستعجلة التي تمس الشعب التونسي بطريقة مباشرة دون مجاملة أو محاباة أو مواربة، وليكون الجميع أمام القضاء التونسي يحكمهم العدل حتى يسود الأمن والأمان.
استعادة هيبة الدولة تستوجب الانتصار على الفساد
ومنذ الخامس والعشرين من جويلية الماضي دخل الرئيس قيس سعيد في حرب حقيقية مع كل من يعارضه في إجراءات اعتبرها ضرورية وهي تتغير وفق الدستور لا خارجه كما يزعم كثيرون، ولم تفتّ في عضده تلك المظاهرات التي جابت شارع الحبيب بورقيبة ولا التعليقات الساخرة والمنتقدة له على مواقع التواصل الاجتماعي ولا التحالفات التي أقامتها الأحزاب المناوئة له، بل واصل عمله بكل عزيمة وإصرار وثقة غير عابئ بما يحصل حوله من وقفات وانتقادات.
هذه الحرب قد تكلفه الكثير لكن في النهاية إذا انتصر على طغمة الفساد المستشرية في تونس وأمسك بزمام الأمور ونظّم مفاصل الدولة الحديثة عندما جمّد البرلمان وشكّل الحكومة وطهّر المجلس الأعلى للقضاء، وسارت الأمور وفق ما يريده الشعب التونسي وما يحقق له المعيشة الحسنة والاستقرار في بلاده على جميع المستويات، يكون بذلك قد حقّق أحد أهم أهدافه الاستراتيجية التي رسمها خلال فترة رئاسته الحالية.
شارك رأيك