إن في تدمير مسالك التوزيع الحالية في تونس – وهو ما يقوم به الرئيس قيس سعيد منذ أيام دون دراية و لا روية و لا اتزان – دون وضع بديل ناجع و سريع المردود إنما هو أخطر ما يمكن أن يحدث و أخطر أسباب التجويع،.. فالأولوية الفرز بين مقاومة المخازن العشوائية و الموازية و المهربين و مراقبة المخازن النظامية وهي الضرورة العاجلة.
بقلم الأزهر الضيفي *
منظومة مسالك التوزيع هي آلية وضعتها الدولة التونسية لتعديل العرض و الطلب و التحكم في السوق وفق قوانين واضحة تتضمن الردع و استعمال القوة عند مخالفتها او عند إختراقها بمتطفلين عليها. رئيس الجمهورية قيس سعيد يرى فيها منظومة تجويع و أعلن الحرب الضروس عليها، و يأتي هذا الإعلان عقب عجز الدولة القيام بدورها في مراقبة و متابعة المسالك التي تتحكم فيها مباشرة و الأخرى التي تشرف عليها هياكل موكلة من الدولة.
إعلان الحرب بالطريقة التي أعلن عليها رئيس الدولة ستدمر هذه المنظومة دون أن يكون بديلا جاهزا لها لأنها ستأتي على المخازن الاحتياطية و التجميعية بدون تمييز مثلما حدث منذ 25 جويلية 2021 التي نتج عنها ارتفاع مهول لكل الأسعار أضحي اليوم السبب الأساسي في تجويع التونسيين.
نجاح و فشل مقاومة الاحتكار و الحفاظ على المسالك السليمة و القانونية يعود بالأساس إلى هيبة و قوة الدولة و الشفافية في تنفيذ الإجراءات و في التراتيب التي أثبتت جدواها طيلة عقود وفق خيارات مسؤولة عليها مثل تجنب ندرة المواد التي تدعمها الدولة و تشرف على توزيعها وهي الأخطر اليوم,
و عوضا الدخول في مغامرات تشريعية جديدة و تدمير المنظومة الحالية، إن على الدولة توخي الطرق السلسة و الناجعة في التحكم في ما يعود إليها من توفير المواد وحسن التصرف فيه بعد الفشل الذريع و تشريك مختلف التنظيمات المهنية و الاجتماعية و القطاعية في إحكام سلامة المسالك و إقحام هياكل الردع وفق خطة تدخل و مساندة للفاعلين في المسالك بتطهيره من المخترقين له و من المنحرفين منه و من المهربين الذين يمثلون الخطر الحقيقي على اقتصاد البلاد.
إن في تدمير المسالك الحالية دون بديل ناجع و سريع المردود هو أخطر ما يمكن أن يحدث و أخطر أسباب التجويع،.. فالأولوية الفرز بين مقاومة المخازن العشوائية و الموازية و المهربين و مراقبة المخازن النظامية وهي الضرورة العاجلة.
* نائب سابق في البرلمان التونسي.
شارك رأيك