منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، في 24 فيفري 2022، تمكنت الآلة الإعلامية للغرب و الناتو عموما من إظهار نصف الحقيقة و تسليط أضواء الكاميرات على أنقاض المدن و حجم الدمار الذي لحقها.
بقلم توفيق زعفوري
هذا القصف الإعلامي الغربي لا يختلف عن القصف الروسي للمدن و الضواحي و كأن هذا التوجيه و التعتيم الإعلامي مخطط له، إذ سحبت معظم دول أوروبا الاعتماد الإعلامي للوسائل المرتبطة بروسيا، بدءا ب “سبوتنبك” وصولا إلى شبكة الRT الناطقة بمختلف اللغات حتى تؤثر على اتجاهات الرأي العام الذي تم حشده مسبقا و انتهى الأمر بإقحام الجامعة الدولية لكرة القدم FIFA و حرمان الروس من المشاركة في مختلف التظاهرات الرياضية و تسليط عقوبات على أفراد و كيانات دون معرفة مدى ارتباطهم بالرئيس الروسي و لا بمدى علاقاتهم بالحرب الدائرة في بلد لا هو أوروبي و لا هو أسيوي آخرها وصف الرئيس بوتين بأنه “مجرم حرب” و تسويق هذه الصورة و صورة الغزو في وسائل الإعلام المساندة للتوجه الغربي و لتوجهات حلف شمال الاطلسي.
النصف الآخر من الحقيقة
لسنا بصدد تبرير الحرب الدائرة الان في أوكرانيا أو بالتعاطف مع طرف على حساب الآخر، و لكن الغرض هو إظهار النصف الآخر من الحقيقة دون التركيز فقط على ما يروج له إعلام الغرب، و بعض قنوات الغرب المالية، إعلام لا يتوانى في إظهار لامبالاته بالحرب التي خاضها الأمريكان مثلا أو الاسرائليين، لا يهمه حجم الدمار الذي لحق بالآثار التاريخية في العراق و الموصل و سوريا و دمشق و لبنان و غيرها، لا يهمه من الحرب في اليمن بقدر ما يهمه ما يحصّل من أرباح بيع الأسلحة، الخفيفة منها و الثقيلة و حتى الخردة، أما في أوكرانيا فإنه يتباكى منذ أسابيع و يقدم الدعم المادي و العسكري، دون أن يستطيع الدخول فيها أو حسمها، آخرها تصريح المستشار الألماني شولتز يوم الخميس 17 مارس، إذ يقول بكل وضوح: “لن يكون هناك تدخل عسكري من الناتو”، بل و رفض فكرة إرسال عسكريين من حلف الناتو إلى أوكرانيا.
إذن على أوكرانيا أن تواجه بمفردها الدب الروسي و ترسانته الجارفة، ليس بمقدور الغرب إدخال أوكرانيا تحت مظلة الإتحاد الأوروبي و لا تحت حماية حلف شمال الاطلسي… على أوكرانيا، فقط، الصمود و المقاومة و الغرب جاهر بملياراته و دعمه العسكري المتواصل إلى شد أزرها من أجل إضعاف روسيا عسكريا و اقتصاديا.
الموقف الأناني للغرب
الغرب يقوم بتسليح أوكرانيا من أجل إطالة أمد الصراع و من أجل تعزيز الحدود الشرقية لحلف الناتو، ثم يتباكى على مسرح تاريخي بمجرد إشاعة انه لحقه الدمار دون التأكد من ذلك و لكنه يمعن في إظهار حجم التدمير في غرف المدن الأوكرانية بكل التفاصيل.
في كل الحروب هناك للأسف خسائر بشرية و مادية ثقيلة، لا تعوّض و كلما طالت الحرب، ثقلت فاتورة إعادة البناء و الغرب في هذه الحرب ليس منصفا و لا عادلا و هو متعاطف بكل ما لديه مع أوكرانيا دون أن يساهم في منع اندلاع الحرب، بل انه دفع إليها زيلنسكي دفعا من أجل تقطيع أوصال روسيا و نصب ترسانة صواريخ على حدودها الشرقية، ما فعله الغرب أو ما يريد فعله، يذكرنا بأزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، بقي ان التلويح بالسلاح النووي في هذه الحرب سيصيب العالم بالجنون، عالم لن يكون كما قبل الحرب الروسية الأوكرانية كما قال فلاديمير بوتين…
محلل سياسي.
شارك رأيك