ينظّم معهد حوكمة الموارد الطّبيعية ندوة بعنوان “الفسفاط قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بڨفصة” وذلك يوم الثّلاثاء 22 مارس 2022 بنزل رمادا بلاتزا – قمرت في الضاحية الشمالية بتونس. و السؤال الذي يطرحه هذا الموضوع هو التالي: هل نجح فعلا استغلال الفسفاط في دفع قاطرة التنمية بهذه المنطقة، بل و بالبلاد التونسية عموما؟
يعتبر قطاع الفسفاط من دعائم الاقتصاد الوطني باعتبار مساهمته التاريخية الهامة في الصادرات وتوفير العملة الصعبة عن طريق المؤسستين العريقتين شركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي التونسي، كما يمثل القطاع النشاط الاقتصادي المحوري في جهة قفصة. حيث ساهم الفسفاط في توفير العديد من مواطن الشغل سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وقد أدّى تعاظم دور المؤسستين المذكورتين على المستوى الجهوي والوطني إلى جعل المناجم القطاع الأكثر جاذبية لليد العاملة غير أن ذلك كان على حساب أنشطة اقتصادية أخرى فضلا عن الآثار البيئية، والصحية، والاجتماعية للاستخراج، والتحويل.
غياب بدائل اقتصادية أخرى
ولقد نجم عن هذا الوضع التعويل الكلي على شركة فسفاط ڨفصة للاستجابة للطلبات التشغيلية والتنموية المتزايدة بهدف تحقيق السّلم الاجتماعي بالجهة في غياب بدائل اقتصادية أخرى، ونظرا لعجز الشركة على تحمل هذه الأعباء بمفردها تواترت الاحتجاجات بالمنطقة مما أدى الى تراجع انتاج الفسفاط بسبب إيقاف عملية الإنتاج في أغلب الأحيان من قبل المحتجين وانعكس بالسلب على التوازنات المالية للشركتين.
اتسمت هذه الاحتجاجات عموما بغياب للتأطير وعدم التوازن بين المطالب المطروحة والإمكانيات المتاحة، وكان من نتائجها الترفيع في نسق الانتداب من قبل الشركة وظهور محتجين جدد في كل مرة، ولإيجاد الحلول الملائمة لهذه الظاهرة وكمساهمة منه للتفكير في البدائل ارتأى معهد حوكمة الموارد الطبيعية بالتنسيق مع ناشطي المجتمع المدني بالجهة وبمشاركة مجموعة من الخبراء والكفاءات اصيلي الجهة تقديم مبادرة تتعلق بتعزيز دور المجتمع المدني في تأطير الاحتجاجات وعقلنة المطالب المطروحة وتحويلها الى رؤية على المدى البعيد يقع بلورتها في إطار استراتيجي: “قفصة في افق 2050”.
وتمثلت أهم مراحل الاستراتيجية في تشخيص الوضع الراهن في مختلف المجالات من قبل مجموعة من الخبراء والمختصين وذلك لبلورة تصور أولي تم عرضها على أهم مكونات المجتمع المدني بالجهة من خلال تنظيم الملتقيات وحلقات التكوين والنقاش لتطوير التصور الاولي.
كما تم في هذا الإطار دعم المجتمع المدني للقيام بأنشطة هدفها رفع الوعي العام بالوضع الحقيقي للقطاع والشركة والمشاركة في التصور العام لرؤية قفصة 2050 على المدى البعيد، وبالتالي المساهمة في استدامة التنمية بالجهة عبر ضمان تلازم الابعاد الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، والثقافية.
ولمواصلة بلورة رؤية قفصة 2050 بعد استيفاء إعداد أغلب مراحلها بالتنسيق والتشاور مع المجتمعات المحلية خاصة مناطق الحوض المنجمي وڨفصة المدينة، يعتزم معهد حوكمة الموارد الطبيعية تشريك أصحاب القرار ووسائل الإعلام في مناقشة وصياغة رؤية قفصة 2050 في إطار ندوة عامة من أجل تحقيق التنمية المستدامة بجهة ڨفصة.
شارك رأيك