قرار والي تونس المتمثل في منع التظاهر في شارع بورقيبة بالعاصمة تونس أثار جدلا كبيرا في الساحة السياسية و الإعلامية و أدلى كلا بدلوه ومن بين الذين ثارت ثارتهم ضد القرار الوجه التلفزي سنية الدهماني.
بقلم توفيق زعفوري *
أستاذة سنية، لا تبحثي طويلا عن أصلي و فصلي و من أكون، دعك من هذا و ناقشي أفكاري كما أناقش أفكارك. نتابع أحيانا بعض الردود و تفاعلك مع الأحداث و التصريحات و عرفنا خطك التحريري، و “ماك وين يصب”، لكن إسمحي لي، أن أنظر معك في نفس الموضوع و إن من زاوية أخرى.
لماذا لا يتظاهر حمة الهمامي في البحيرة ؟
حين تقولين أن “شارع الحبيب بورقيبة ليس ملكا للعائلة” في إشارة إلى تصريح والي تونس عندما منع التظاهر فيه يوم 20 مارس الماضي ردا على حمة الهمامي الناطق الرسمي لحزب العمال و غيره من الفاعلين السياسيين مؤكدا أن “شارع الثورة” سيخصص بداية من الآن للتظاهرات الثقافية…
تعرفين أستاذة سنية أن والي تونس لا يدعي ملكية أي شبر في تونس لا شارع و لا نهج و لا حتى زاوية صغيرة عدى بيته الشخصي، و لكن ما لا نفهمه هو إصرار ما يسمي ببعض الأحزاب على احتكار شارع الحبيب بورقيبة و كأنه مسجل لديهم في دفتر خانة و الحال أن والي تونس لم يمنع التظاهر فيه قبل ذلك، و لكنه منعه في مكان معين و وفّر في المقابل مكانا آخر للتظاهر السياسي، فلو كانت نيته المنع لمنع التظاهر في جميع الشوارع و ليس وقتها ملزما باقتراح شارع محمد الخامس أو حديقة الباساج أو غيرها من الأماكن كما قال… ثم لم لا يتظاهر حزب العمال في البحيرة.
شبعنا تظاهرا و تقيأنا ديمقراطية!
أليس من المنطقي و البديهي أن تكون تظاهرات الأحزاب أمام مقراتها أولا، فهذا ليس ضؤبا لحق التظاهر أو حرية التعبير، فقد شبعنا تظاهرا و تنفسنا ملء أكبادنا حرية و تقيأنا ديمقراطية، حتى غلبنا فيها اليونان القديمة!
إن الإصرار على تحدي سلطة الدولة هو ما جعل هيبتها في الحضيض و مؤسساتها غير مهابة تمردت عليها الدكاكين الصغيرة، و النقابات و عقلية “البنديتيزم”، حتى ضعفت و انهارت و صار لزاما على المسؤولين أن يقفوا وقفة حازمة من أجل فرض القانون الذي هو هيبة الدولة، حتى لو وقع التعسف على حزب معين و منعه من الدخول إلى شارع ما، فمن حق الدولة أن تحتكر العنف بكل مفاهيمه التي تعرفينها.
قبل الإحتجاج على قرارات الدولة كان من الأجدر أن ننظر أيضا إلى أسباب المنع فوزارة الداخلية أو غيرها ليست مطالبة بأن تبرر لأي جهة كانت لماذا تلجأ إلى هذا الخيار أو غيره، فذاك يدخل في إطار الأمن القومي ثم إن الإصرار على احتكار شارع الحبيب بورقيبة في ذاك اليوم 20 مارس فيه تعسف على بقية الأحزاب فهي أيضا من حقها التظاهر فيه لرمزيته.
أستاذة سنية، لا يمكن تحميل تصريح والي تونس، أكثر مما يحتمل، فذاك يدخل في صميم عمله، كما لا يمكن أن نحاسبك أو أي شخص آخر على مجهوده أو رأيه أو وجهة نظره فهذه أحكام معيارية، و قرارات والي تونس أو غيره هي أيضا اجتهادات و سلطة تقديرية و لك مني سيدتي أسمى عبارات النظام و التنظيم، و شكرا على رحابة صدرك و رجاحة عقلك…
محلل سياسي.
شارك رأيك