استقبلت تونس يوم 23 مارس 2022 أولى الرحلات البحرية. بعد انقطاع دام سبع سنوات، إثر الحادثة الإرهابية التي شهدها متحف باردو، عام 2015، النشاط السياحي في بلادنا بدأ يتحسس طريقه نحو الإنتعاشة و مستويات 2019 و ما قبلها، إثر موجة خامسة من انتشار جائحة كورونا، و اليوم مع قناعتنا بضرورة التعايش معها و الإلتزام بالبرتوكولات الصحية، تطالعنا للأسف حملات تسويقية للوجهة التونسية أقل ما يقال فيها أنها تعكس صورة سلبية إن لم تكن فضائحية، تحركها تنافسية غير مدروسة و اعتباطية و من ورائها للأسف الجامعة التونسية للنزل التي نزلت بتونس إلى الدرك الأسفل على سلم التنافسية، مقارنة بالوجهات الإقليمية.
بقلم توفيق زعفوري
النزل تسوّق للوجهة التونسية فقط ب 195 أورو، ما يعادل 633 دينارا مشمولة تذاكر الطائرة ذهابا و إيابا و الإقامة و مشمولة جميع الخدمات، مقارنة بمصر التي تبدأ ب 568 أورو أي ما يعادل 1846 دينارا.
الأغرب من ذلك أن النزل تعطي أسعارا تفاضلية لمتعهد الرحلات، أو ما نعبر عنه ب Tour opérateur، خاصة في موسم الذروة، أما إذا كانت شركة تونسية (و كالة أسفار مثلا) تعمل مباشرة مع متعهد الرحلات، فإنه يمتنع عن إعطائها سعر المنتج ما يعيق عملها، إذ لا يمكنها التعاطي مباشرة مع الحريف و يلزمها المرور بالضرورة بمتعهد الرحلات الذي يفرض شروطه في التعامل مع الحجوزات و فرض الأسعار و التضييق أكثر على المتعامل التونسي الذي يتحمل تبعا لذلك خسارة مضاعفة عند الحجز و عند الدفع بالعملات الأجنبية، أي أن الحريف التونسي مثلا لا يستطيع أن يحصل على نفس الخدمات حتى بسعر أفضل، فقط لأنه ليس أجنبيا حتى و إن دفع أكثر.
ثغرات لا زالت عالقة
المشكل في أصحاب النزل التي وصل بها الأمر إلى التعاطي مع الرحلات، دون المرور بوكالات الأسفار، ما يعني أن العملات الأجنبية لا تدخل تونس، إذ يقع خلاص الضرائب و الموظفين بنفس العملات و مع نفس البنوك الأجنبية.
ما يبقى هو أن هذا السائح المرحب به جدا و بكل حفاوة و الذي دفع كثيرا جدا، سيستفيد بكل رحابة صدر طيلة أيام إقامته بكل أشكال الدعم التي ما وصلت لمستحقيها الذين تضاعفت أعدادهم و وصلت إلى قرابة 4 مليون تونسي…
هذه بعض الثغرات التي لا زالت عالقة بين وكالات الأسفار و جامعة النزل و التي تلقي بضلالها على المشهد السياحي برمته و تعيق نشاط المتداخلين الأساسيين من وكالات أسفار و أدلاء سياحيين بكل أصنافهم و أصحاب المطاعم السياحية و تجعل من المنتوج السياحي الذي نتفاخر به إضافة إلى تاريخ تونس و حضارتها و سمعتها السياحية لا تتجاوز في كل الحالات 200 أورو بالعملات الأجنبية.
السياحة أولا، السياحة ثانيا، السياحة دائما
ثم أن فئة الأسعار هذه تجذب بالضرورة نوعية معينة من الحرفاء ذوي الدخل المحدود جدا الذي لا يمكنهم الإنفاق بالشكل الذي يترك أثرا إيجابيا لدى الحرفيين و أصحاب المطاعم و الأدلاء و بائعي المواد الحرفية و غيرهم، هذه نوعية من الحرفاء لا تمثل الجاذبية التي تتمتع بها تونس و لا حتى حجم الإنفاق على الإشهار و الترويج، و حصيلتنا معها سلبية جدا عدى أنها تغرقنا في مديونية شديدة نتيجة تزايد دعم الدولة للمواد الإستهلاكية. و هكذا نفهم ما معنى أن تروج وسائل الإعلام المرئية الفرنسية لعودة الحجوزات القوية خاصة على الوجهة التونسية و نفاذ الغرف لدى بعض النزل في موسم الذروة…
من الأفضل مراجعة أسعار البيع للوجهة التونسية حتى تكون مطابقة لسمعتها و تاريخها، و تشريك أصحاب المهنة و الفاعلين الحقيقيين و الترويج لتونس حتى تكون الاستفادة من عودة السياحة عامة و إيجابية، و الإشهار للوجهة التونسية لا يكون بالتركيز على صورة سبخة أو شط جاف باهت لا حياة فيه و كأنه لا متاحف و لا مواقع أثرية و لا معالم لدينا!
مرشد سياحي.
شارك رأيك